عبده الأسمري
في خضم معارك الحياة يتطلع الإنسان إلى تدارك النجاة والعيش دوماً في منطقة آمنة يعلوها الثبات ويسودها «الاتزان» ويعمها «التوازن» وصولاً إلى نعمة «الاستقرار» والقدرة على التعامل مع «الموثرات» والتعاطي مع «التأثيرات» دون اختلال أو اعتلال حتى تمضي محطات العمر وفق «هيئة» حياتية مستقرة تقتضي السير بثبات رغماً على «موجات» المصاعب و»هجمات» المتاعب..
لكي يعيش الإنسان في أمان واطمئنان عليه أن يعي أن هنالك خطوطاً مستقيمة وأخرى متعرجة وأن مواجهة المواقف ومجابهة الظروف تقتضي التحرك بحكمة في تلك الدروب حتى لا يميل أشد الميل أو يكيل كل الكيل في اتباع «أهوائه» أو «آرائه» فتأتي العواقب في قطبية «التطرف» في «التصرف» مما ينتج عنه «الفشل» في أحد الاتجاهين المتضادين..
تتطلب الحياة أن يخطو الإنسان خطوات «واثقة» في مسالك العمر التي قد تكون «شاقة» أو «ميسرة» وفق مقتضيات تبقى في «حيز» الغيب وتظل وراء «ستار» المجهول فيلجأ البعض إلى «احتياطات» و»استباقات» تعينه أن ظلت في متن «المعقول» وتهزمه أن تعدت درب «الواقع» فتأتي افتراضات التفكير لتعلن «معركة» خاصة تخوضها «النفس» مع فرضية «التنبوءات» وغيبية «التوجسات» فيحدث «الخلل» قبل الوصول إلى الهدف.
الدين الإسلامي دين وسطي ويحث شرعنا الحنيف وفق اتجاهات دينية تربط الشرع بالحياة وتوظف العقيدة في إصدار السلوك وتسخر العقل في اقتدار الفعل وتبقى المنطقة الواقعة في المنتصف التي تصدر منها سلوكيات الوسطية مكان «آمن» وموقع «مطمئن» لسلامة الإنسان ونجاته من «تشدد» أو تمدد» يجعله قابعاً في أماكن تسبب له الزعزعة وتثير الشبهة مما يخل بموازين «العيش» ويضل بمضامين «التعامل».
على مر التاريخ وفي قصص متعاقبة عبر الأزمنة ووسط الأمكنة وعبر حقب مختلفة كانت فيها «العبر» حاضرة وظلت وسطها «الاعتبارات» مسطرة في وقائع كان فيها الإنسان وسط أزمة مع «التطرف» في سلوكياته وفي مرئياته وأفعاله نظير وقوعه في «براثن» التعنت في السلوك وسقوطه في «كمائن» التخاذل في التدبير.. وظل الباقون في «المنتصف» يرصدون الاعتبار من تلك «الخيبات» ويكسبون الانتصار من تلك «السقطات» التي أوجدت لديهم «الثبات» الأقوى في منطقة «الوسط» التي تعزز «النجاة» من الوقوع في سوءات «التشبث» بالمكوث في «أطراف» تعلي «صوت» الذاتية وتردد «صدى» الأنانية.
لدينا أزمة أزلية مع التطرف تدرجت عبر أجيال وتفاوتت بين مراحل بأسباب متعددة أعاقت وأوقفت توظيف «الوسطية» وفق مفهومها الصحيح.. والبعد عن «توصيف» الموضوعية» وفق معناها الأصح فتمخضت لدينا «ظواهر» التشدد و»مظاهر» الإسراف في سلوكيات «مؤلمة» و»مخجلة» نظير «الجهل» القائم في أرضية «الفكر» الذي صنع «الفشل» المقيم في مسلك النتاج.
في ظل أزمة التطرف وخيبة «العاقبة» حاول البعض ممن وقعوا فيها أن يبحثوا عن «اتزان» يعيد إليهم ثباتهم ويوقظهم من «سبات» أضاع عليهم مستقبلهم هنالك من نجا وعاد إلى «جادة» الصواب ووصل إلى «منطقية» الجواب فوصل إلى «المنتصف» بأنفاس لاهثة تبحث عن «هوية» جديدة تخرجه من «غواية» الشدة وتنجيه من «غوغائية» الحدة الأمر الذي حولهم إلى «منابع» تجربة تعطي للآخرين دروساً ملهمة في خطورة الطرف ومأمن التوسط..
المضي في الطريق الوسطي الذي يؤكد نفع «لا ضرر ولا ضرار» ويشيع شفع» سددوا وقاربوا» يصنع للإنسان الأمان السلوكي والأمن النفسي والاطمئنان الحياتي والمأمن الذاتي والغنيمة من سرور «الاقتداء» والسلامة من شرور «الأخطاء» والذود بكفاءة أمام أي انجذاب نحو التطرف يرمي بالنفس في «متاهات» الضياع و»ظلمات» الخذلان..
مع المنتصف هناك معادلة حياتية تتطلب الإثبات وفق أبعاد العقل واتجاهات المنطق ومعطيات النجاح للبقاء في «نعيم» الاستقرار و»ثبات» القرار وصولاً إلى الانتصار على «أزمة التطرف» والمضي عبر طرق «الكفاح» لتحقيق النجاح وفق هويتنا التي تحتم علينا الالتزام بالوسطية والابتعاد عن أطراف تخذل العزيمة وتنبئ بالهزيمة وتنتهي بالسقوط.