في صباح يوم السبت 27/من شهر محرم / 1443 نعت محافظة (الدلم - الخرج) بمنطقة الرياض رجلاً من رجالها الأوفياء المخلصين والعاملين للنهوض بشأنها في جميع المجالات: المدنية، والخدمية، والاجتماعية، والاهتمام بتطوير الزراعة والمزارعين؛ حيث كان أحد روادها البارزين وعلى مدى عقود من الزمن تجاوزت (الثمانية) أو كادت..
عبد العزيز بن محمد بن عبدالله بن خنين!!
لقد كانت الخسارة في فقده كبيرة، وغيابه بعد ذلك الحضور الرائع الثري مؤثراً، وحزينا..
معرفته الدقيقة بمدينته تاريخاً وسكانا، أودية وآكاما.. أكسبته في عمله الذي امتد على أكثر من أربعين عاماً في (هيئة النظر) بمحكمة الدلم ذات التاريخ القديم والمجد الأصيل، مما أهله ليكون مرجعاً موثوقا بأحوال المدينة ترجع إليه الجهات العاملة فيها.
وفي المجال الاجتماعي والسكاني فهو الصديق للبادية وأبنائها عشقها وآثرها وتعلق بناسها وأحب طباع أهلها فأحبوه وألفوا مجلسه فلم يقاطعوه. لا يمر يوم إلا وله مع أحدهم لقاء، أو زائراً لهم في مضاربهم ودارته الشهيرة مشرعة الأبواب طيلة أيام الأسبوع وفي أيام الجمع والأعياد تلتقي جميع الفئات ليجدوا التكريم والحفاوة الغامرة.
وفي البادية وشؤونها فليس هناك مايؤنسه أكثر من الحديث عنها ونوادر أهلها ومجالسهم لكأنما هوأحدهم وكم تثور ثائرته حين يحاول بعض من في مجلسه النيل منهم.
وعن سيرته الذاتية.. نشأ في حي القصور في بلدة الدلم حيث كانت حاضرة الخرج، وكان الثالث بين إخوته الستة من الذكور في كنف الوالد في بيت كبير ضم جميع أفراد الأسرة، لفت انتباه والده بفطنته وحسن تصرفه فوجهه إلى القيام بكثير من الأعمال الهامة في ذلك الوقت حتى برز في المرافعات القضائية بسلامة حديثه وقوة حجته وسرعة بديهته، مما جعله ملازماً لطلاب العلم وأعيان البلدة محبوباً ومقدراً لديهم.
وفي مجتمعه كان الأقرب لهم تهفو إليه الأسرة ويتردد على زيارته الأقارب والأباعد؛ محبةً في حضور مجلسه وأنس حديثه ورغبةً في استشارته والأخذ برأيه ولاسيما في الوثائق التي كتبت قبل التنظيم القضائي وكتابة الضبط والسجلات؛ إذ كان عارفاً ومميزاً لها..
وتتعاقب السنوات والأزمنة وهو باق على نهجه وأسلوب حياته: محبة للجميع لا تنقطع وكرم متواصل لا يندفع ليكون عميد الأسرة وحكيمها فتجد فيه الأب والأخ، والكبير الغالي.
يتقدم به العمر ويزداد حرصه وتفقده لأقاربه وأسرته الكبيرة سائلاً عن أحوالهم من تزوج أو تزوجت وكم أنجبا ثم يدعو للجميع بالتوفيق والعناية من الرحمن.
لم يعرف عنه في حياته التي امتدت أن شاق أحداً أوشاقه أحد.. فقد كان سمحا متسامحا، ليناً في طبعه وطباعه، مبتسماً لكل من يلقاه، آسراً بشخصه وأخلاقه!! وتلك صفات يمن بها الله على من يشاء من عباده..
أصيب بتجلط أفقده حركة النطق الواضح ولكنه بقي المؤمن الصابر المحتسب لا يشكو حاله إلا لخالقه، ولا يضجر مما أصابه..
حتى أتى اليوم الذي لا يدفع، وحل القضاء الذي لا يمنع؛ ليودع أحبته وأهله ودياره!!
يفارقهم جسدا، ويعيش بينهم وفي عقولهم ووجدانهم أبدا.. رحمك الله أبا عبدالله فما أطيب ذكراك حياً وميتا!! جمعنا بك الله في مستقر رحمته، ورحمنا يوم نلقاه..!
** **
- خالد الخنين