للرياضة فوائد جمّة منها: تنشيط الدورة الدموية، وتنشيط العقل، فالعقل السليم في الجسم السليم، واجتماع الناس بقضاء أوقات سعيدة ممتعة وغيرها.
كان الناس في بلادنا قبل طفرة النفط يتحركون باستمرار ويقولون: في الحركة بركة. الأطفال يلعبون ويساعدون آباءهم في أعمالهم، ويمارسون الألعاب الحركية الشعبية وكرة القدم وقيادة الدراجات الهوائية وغيرها. وأكثرهم لا يمتلكون سيارات، فتراهم يقضون مشاويرهم مشياً على الأقدام ويعملون أعمالاً شاقة وحياتهم شاقة!
في نهاية السبعينات الميلادية زمن الطفرة النفطية انقلب الحال، وتغير الزمان، وكبرت المدن، وتوسعت الأحياء، فامتلك كثير منهم السيارات، فاستحوذ عليهم الكسل فأنساهم ذكر الحركة وبركتها فأصبحوا يقضون جلَّ مشاويرهم بالسيارات، ولو كانت لا تتعدى خمس دقائق معدودات متذرعين بحجج واهية أوهى من بيت العنكبوت، كرطوبة الصيف أو بحمَّارة قيظه، أو بصبَّارة الشتاء وقُرِّه.
وأما عن الأطفال وعلاقتهم بالحركة والرياضة فحدث ولا حرج، ففي العشر السنوات الأخيرة وظهور الألعاب الإلكترونية، فقد طلقوها طلاقاً بائناً، فلم نعد نراهم يملؤون الأراضي الفضاء يلعبون كرة القدم، وافتقدناهم في السكك، والشوارع والفرجان بدراجاتهم الهوائية!
لقد ابتعدنا عن الرياضة الحركية وانتقلنا إلى الرياضة الكلامية بتشجيع الأندية، ومشاهدة المباريات، ومتابعة الدوريات السعودي والأوربي أو الإسباني والإيطالي وغيرها. ومتابعة أخبار صفقات الاحتراف والأندية واللاعبين. وحين كبرنا ووخطنا الشيب غزتنا الأمراض، وداهمتنا مشكلات العظام وهشاشتها، راجعنا الأطباء فوصفوا لنا الرياضة علاجاً طبيعياً نمارسه فرادى بدون مشاركة الآخرين. والمحظوظ منا من يشترك في الصالات الرياضية التجارية أو الأندية ليمارسها ويجعلها برنامج حياة وثقافة وسلوكاً يومياً في الحدائق والكورنيشهات، ومضامير المشي والجري.
معظمنا تركوا الرياضة صغاراً، فتركتهم كباراً؛ لأن لياقتهم البدنية قلت، وصبرهم عليها ضعف، وطاقتهم أضيق من خرم الإبرة، وهم قد كذَّبوا بها، واستكبروا عليها، ولن تفتح لهم أبوابها حتى يلج الجمل في سم الخياط!