محمد سليمان العنقري
قبل أيام أقر مجلس الوزراء الموقر تعديلات على لائحة مراقبة شركات التأمين وهي التي تعد من أوسع التغيرات التي طرأت على اللائحة منذ إقرارها قبل أكثر من 16 عاماً وحيث إن القطاع تنشط فيه عشرات الشركات في شتى الأعمال التأمينية فإن تطورات عالم التأمين والمنافسة الكبيرة المتوقعة مع دخول الشركات الأجنبية للسوق دون الحاجة لشراكات محلية من خلال افتتاح فروع لها محلياً إضافة لارتفاع حجم الأصول بالاقتصاد الوطني مع حجم الاستثمارات الضخم المتوقع حتى عام 2030 وما يتطلبه ذلك من وجود غطاء تأميني واسع وضخم مما يعني ضرورة وجود منشآت تأمين قوية وبملاءة مالية مناسبة وخبرات عالية الكفاءة.
ولعل من أبرز التعديلات التي أقرت على اللائحة تغيير الحد الأدنى لرأس مال شركات التأمين وأيضاً شركات إعادة التأمين إلى 300 مليون ريال بدلاً من 100 مليون سابقاً وقد عانت الكثير من شركات التأمين التي أسست برؤوس أموال عند الحد الأدنى السابق وأعلى منه بقليل من خسائر اضطرت معها غالبية تلك الشركات لإعادة هيكلة رؤوس أموالها بشطب الخسائر ومن ثم رفع رأس المال مما أثر في جاذبية الاستثمار في أغلب مكونات القطاع من الشركات المدرجة بالسوق المالية وتحولت بفترة سابقة كثير منها لشركات مضاربة بتقلبات عالية في أسعارها وحالياً يوجد 9 شركات رؤوس أموالها أقل من 300 مليون الحد الأدنى الجديد وبعضها لديه خسائر برأس المال يتطلب تعديله خطة هيكلة متعددة للوصول للحد الأدنى الجديد بالإضافة لإمكانية أن تتجه بعضها للاندماج إذا كان ذلك مجدياً ويبدو أن السوق بدأ بالتحول نحو كفاءة ومقدرة أعلى من حيث رأس المال العامل ويضاف لهذا التعديل أيضاً تغيرات بقواعد المخالفات وغراماتها وأيضا إنشاء لجنة فصل ابتدائية أو أكثر لمعالجة الخلافات بين كافة أطراف القطاع من شركات ومستفيدين كما ذكر باللائحة المعدلة أن تكون الشركة مساهمة وأن طرحها للاكتتاب يخضع لموافقة البنك المركزي السعودي فهل هذا يعد تغيراً بحيث ليس شرطاً أن تدرج عند تأسيسها كما كان سابقاً ويسمح لها بالعمل دون أن تطرح للاكتتاب العام؟ فقد يكون ذلك خياراً أفضل حتى يكون إدراجها مبنياً على سجل واضح من النجاح دعماً للاستثمار بالقطاع وابتعاداً عن المضاربات التي سادت شركات القطاع خصوصاً بعد تزايد إدراجها من عام 2007م.
وبعيداً عن بقية التعديلات إلا أن السؤال الأهم هل تكفي عملياً للنهوض بالقطاع أم أنها مجرد مرحلة أولية نحو تطوير شامل للقطاع ومكوناته فكثيراً ما تم تداول فكرة إنشاء هيئة مستقلة لقطاع التأمين تعنى بشؤونه كما هو في قطاع الاتصالات أم أن إدارة رقابة قطاع التأمين كافية لتؤدي نفس المهمة فعالميا يوجد دول عديدة لديها هيئات مستقلة لقطاع التأمين وهو ما يتطلب دراسة وافية لتحاربهم وهل أسهمت بتوسيع حجم القطاع فكثير من الدراسات ترى أن قطاع التأمين يفترض أن يمثل 5 بالمائة من حجم الناتج الإجمالي للدولة وفي المملكة مازلنا بعيدين عن هذه النسبة كثيراً فحجم القطاع يقارب 2 بالمائة فقط من الناتج الإجمالي أي أن القطاع يفترض أن يصل حجمه إلى أكثر من 120 ملياراً من نحو 50 ملياراً تقريباً حالياً منها 22 ملياراً تقريباً في منتج التأمين الصحي الذي يستأثر بالنصيب الأكبر أي ما زال السوق واعداً وكثير من الأصول لم يؤمن عليها وهو ما قد يتطلب مزيداً من التشريعات الناظمة للسوق لرفع كفاءته وحجمه وزيادة الوعي بأهمية التأمين فالقطاع يحتاج لجهد توعوي كبير تقوم به الشركات والبنك المركزي أو هيئة التأمين في حال كان التوجه لتأسيسها مجدياً.
مما لا شك فيه أن قطاع التأمين بالسنوات الخمس الماضية شهد بداية تحولات مهمة خصوصاً في تنظيم وتحسين اوضاع الشركات من حيث حثها على الاندماج حيث تمت العديد من عمليات الاندماج خلال الفترة الماضية إضافة لتعديلات طالت طرق المحاسبة الالكتوارية وتنظيم ومراقبة التزام الشركات باستثمار أصولها أو أموال التأمين حسب اللوائح المنظمة لذلك وحالياً مع التعديلات الجديدة سيكون هناك تحسن بالوضع المالي للشركات من حيث رأس المال العامل والقدرة على استقطاب الكفاءات وأيضاً التسويق وطرح المنتجات إلا أن الجانب الآخر للقطاع هو ما يمكن عمله لتوسيع حجم التأمين بالاقتصاد ولعل الاتجاه للتأمين على العقار السكني أحد أهم الخطوات التي يمكن أن تتوسع لتشمل أصول إضافية حماية للاقتصاد وللمستثمرين من كافة الفئات خصوصاً بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.