رمضان جريدي العنزي
للتواضع صفات حميدة، وسجايا جميلة، ومناقب ثمينة، والمتواضع إنسان راقٍ ونبيل، لا يتكبر ولا يستعلي، لا يصعر خده، ولا يصيبه الغرور، شخصية مهذبة ومتزنة، لا يمل بوجهه عن الناس، ولا يعرض عنهم، ولا يستخف بهم، بل يقبل عليهم هاشاً باشاً مبتسماً، كان قدوتنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً فريداً في تواضعه، ورغم علو قدره، ورفعة شأنه بين العباد وعند رب العباد، أشد الناس تواضعاً، وألينهم جانباً، وألطفهم مودة ورحمة، حتى إنه صلى الله عليه وسلم يمنع أصحابه من القيام له، تواضعاً منه ورحمة، كان في ركوبه يركب ما يركبه الناس، ويجلس على ما يجلس عليه الناس، ويأكل مما يأكل الناس، كان يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويجيب دعوة الناس، يعتني بأهله ويخدمهم، يلاعبهم ويلاطفهم، كان التواضع سمة من سماته العظيمة، وهو صفوة الخلق، والشافع المشفع، وقائد الغر المحجلين. إن التواضع صفحة حميدة وشريفة، ودرجاته عالية ورفيعة، قال الشاعر:
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعاً
فكم من تحتها قوم منك أرفع
فإن كنت في عز وخير ومنعة
فكم مات من قوم هم منك أوضع
وقال آخر:
إن التواضع من خصال المتقي
وبه التقي إلى المعالي يرتقي
إن التواضع من الأخلاق الحميدة، والأعمال الجليلة، والميزات الفريدة، يدل على طهارة النفس، ونقاء الروح، وبياض القلب، وسلامة النية، فيه يتحقق التكافل، وتتحقق المودة، وينمو التآلف والتآخي، وتطيب المشاركة، ويسود الترابط والتلاحم والتعاون والمساواة، وينتهي الحقد والحسد والكراهية والبغضاء. إن التحلي بهذا الخلق الكريم والالتزام به في جميع مناحي الحياة، ينتج مجتمعاً صحياً متعافياً، قوياً وصادقاً، فهنيئاً لمن تواضع ونال محبة الناس ورضاهم وتقديرهم، وطوبى له.