د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
راق لي الطرح حول البحث العلمي ومناراته ومراكزه في بلادنا عندما وافتنا الأنباء بحصاد جديد عن تصدّر بلادنا المملكة العربية السعودية في قائمة الـ50 العالمية لأكثر الدول حصة في البحث العلمي في مؤشر نيتشر 2021 حيث كانت بلادنا الأولى عربيا والتاسعة والعشرين عالميا، وبلا شك لقد دخلتْ بلادنا إلى التصنيفات العالمية وفي جل مضامينها تستند إلى حجم البحث العلمي «وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا»»والقادم جميل في وطن فوار نحو قوة المعرفة بعون الله فعندما نبني منصات تعميق الاختصاص بإخضاع كل النشاطات العلمية قبل إقرارها إلى دراسات علمية ممنهجة تضبطها وتحولها إلى قدرات كبرى تصبُّ في قوالب الخدمة التنموية المطلوبة، وعندما تكون استراتيجية البحث العلمي في مؤسسات التعليم تتوجه إلى تحسين مستوى الحياة والرفع من الكفاءة الإنتاجية والقوة والتأثير بمعنى أن يكون البحث العلمي وسيلة لتحسين مستوى الحياة بالتركيز على مقومات تلك الحياة واستثمار إمكانات الأفراد ومواهبهم واستيعابها والمقدرات الطبيعية؛ وعند ذاك تكون مؤسسات التعليم هي منبع إنتاج الأفكار والمكتشفات الجديدة؛ وإذا ما بحثنا عن مستقبل تعليمي أكثر ثباتا، ولحيازة دروب عليا للتفوق التنموي الاجتماعي والاقتصادي فعلينا الالتفات للبحث العلمي في مؤسسات صناعة الأفكار في جملة البحوث والبرامج؛ وأن يتم تشكيل منصات وطنية لتوفير المعلومات التي تخدم البحث العلمي وتمنحه الثقة؛ فإذا لم نتمكن من إدارة مستهدفات البحث العلمي التنموية الوطنية على نحو يجعل الفوائد شاملة محددة في المجالات التنموية فقد تقاطرت البحوث في حاضر عصرنا إلى أن اتجهت إلى الأسفل في الأضابير والرفوف، فحتما نحتاج إلى خارطة طريق جديدة ليكون التحول من المنافسة على الحصص الكمية إلى الابتكار بطريقة تجلب معها ثقة المجتمعات ليستطيعوا توجيه ذلك التحول إلى نجاحات تتحقق من خلال البحث العلمي حينما نعيد تعريف المنتج القائم ومن ثم تطويره، وهذا فيما يخص المنتج المحلي المتواجد، أما ماعدا ذلك فلابد من ابتكارات حديثة من خلال نتاج البحث العلمي؛ وهذا طبعا لا يُشكل إلا نصف الصورة فيما يخص قواعد صناعة البحث العلمي الذي يولد من خلاله الابتكار التنموي أما نصف الصورة الآخر فيتمثل في خلق فرص جديدة للناس تستولدها نواتج البحث العلمي ليحسّنوا نوعية حياتهم، وهذا ما تنشده المجتمعات والوطن؛ ويعد الابتكار فيما هو مشغل قائم وموجودمن أولويات المستهدفات في البحث العلمي الأساس لأنه يولد نموا حضاريا ووظائف جديدة مع ثبات القائم حتى لا تتبدد الجهود وحتى يتجاوز الاقتصاد الوطني المنافسة إلى ابتكارات تنموية جديدة؛ فالبحث العلمي في وصفه الدقيق تذكرة عبور لاغتنام المقدرات الوطنية المادية والطبيعية! وعادة ما يركز المختصون على مبادرات تحسين التمويل الحكومي للبحث العلمي وربما توارت النقاشات عن المنتج النهائي وتطوير المنتجات القائمة لكي يزدهر الاقتصاد الوطني في جميع مساراته؛ ولذلك فإن من الأسس لحمل البحث العلمي فوق الأعناق إيجاد علاقة متينة بين قطاعات الصناعة وعالم الأعمال ومراكز البحوث الجامعية لإبراز دور أكيد للبحث العلمي في دعم الكفاءة الاقتصادية، وأن يكون لذلك الاندماج سياسة محددة الوسائل والأهداف، وأن تهتم مراكز البحث العلمي في الجامعات بتنشئة الباحثين واصطفائهم وتنمية البيئات البحثية العلمية وبمنظور عام نحتاج إلى استزراع ثقافة بحثية حقيقية وعميقة!
بوح الختام..
تعتمد قدرتنا في الابتكار على حجم الدماغ الجماعي الذي تحتضنه مراكز ومؤسسات البحث العلمي!