الجزيرة الثقافية - جابر محمد مدخلي - جازان:
يبدأ الإنسان مسيرته الإبداعية في طرقات الكتابة وشوارع الحياة متفكرًا في كيفية الخروج منها وهو خالي النفس إلا من المحبة والاحترام والتقدير؛ وبمثل هذا يعيش ويحيا، لكن أن تعيش ستة عقود ونيّف سائرًا في شوارع حاملة لأقدامك أو مركبتك، وسائرةً بك وفق وجهتك ثم فجأةً تجد نفسك في أحدها حاملاً لاسمك وهويتك ومسيرتك وتاريخك.. وهذا هو -بالتحديد- ما حدث مع الأديب السعودي إبراهيم مفتاح الذي احتفت به أمانة منطقة جزيرة فرسان بوضع اسمه على أحد أهم الشوارع الحيوية والهامة فيها، وبسؤال الثقافية له: كيف تلقى الأديب مفتاح خبر تكريمه بوضع اسمه على أحد شوارع جزيرة فرسان الحيوية؟.
- أجاب: عندما ألقيت قصيدتي (تحية ورجاء) أمام صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - أثناء زيارته لجزيرة فرسان، لم أكن أتوقع انه سيكون لها هذا الصدى الذي لامس أسماع المسؤولين في الدولة، والانتشار الذي تجاوز المسافات ليصل إلى آذان ابناء هذا الوطن - من اقصاه إلى أقصاه - بل وأستطيع أن أقول:
إنها حملتني إلى كل من تجري في شرايينه دفقات دماء الوطنية، وينبض قلبه بحب الوطن.
لقد خالجني شعور متفائل عندما شاركني سموه الكريم ذرف دموعه وأنا أجهش بالبكاء أثناء إلقائي هذه القصيدة، وشعرت أنها قد آتت ثماره في حينه عندما عقب علي بقوله: ستكون لكم وسائل نقل مأمونة ومضمونة تنقلكم، وتنقل عوائلكم، وسياراتكم، واحتياجاتكم وبالمجان.
ولم يمر شهر على عودة سموه إلى الرياض حتى تدفقت قنوات الخير على هذه الجزيرة عندما
حظيت بلفتة كريمة من مختلف الجهات المسؤولة في الدولة، وأصبح لفرسان كل ما تحتاجه من خدمات تعليمية، وصحية، وكهربائية، ومواصلات، وطرق، وميناء.. بل واضيفت إلى العبارة الأولى عبارات اخرى لنقل الركاب واحتياجات فرسان من مواد غذائية، ومواد بناء ، ومحروقات ، واشياء أخرى ساهمت في تطوير هذه الجزيرة وقراها، حتى اصبحت لا تقل عن مثيلاتها من المدن والقرى الأخرى.
أقول هذا الكلام لأصل إلى ما يريده السؤال مني في صيغته: كيف تلقى الأديب مفتاح خبر تكريمه بوضع اسمه على أحد شوارع فرسان الحيوية؟.
وللإجابة على السؤال أقول:
كإنسان له مشاعره وأحاسيسه شعرت بأن دموعي التي ذرفتها لم تذهب سدى، وشعرت بأن دولتي العظيمة فيها آذان صاغية وتقدير كبير لكل من ينبض قلبه بحب هذا الوطن ورعاته، ولكل من يهبه الله طاقات قادرة على إيصال صوت الوطن ومواطنيه إلى أسماع كل من يهمهم الأمر ممن توكل إليهم الدولة إدارة عجلة التنمية وقيادة دفة الإصلاح.
ومن هذا المنطلق أحسست أن حياتي لم تذهب سدى وأنني قد عملت شيئا ينفع الناس ويعلي من شأن الوطن عامة، ومسقط رأسي (جزيرة فرسان) على وجه الخصوص.
ثم إني وجدت أن السؤال ينبثق منه سؤال آخر هو: ما الأشياء التي فعلتها - إلى جانب القصيدة - وجعلتك تستحق هذا التكريم؟
وللإجابة على هذا السؤال آمل أن لا يظن بي القارئ أني أود أن أفخر، وإنما أقول: إني ساهمت
- قدر المستطاع - بأن أبرز لهذه الجزيرة - شيئاً من ملامحها التي يجهلها الآخرون من تاريخها الضارب في أعماق التاريخ، ومن موروثها وتراثها، ومواسمها، وعادات أهلها وحضاراتهم، وتقاليدهم.. بالإضافة إلى ما كتبته شعرًا، وأدبا، وتاريخا وروايات، ومشاركات في المحافل الثقافية ، داخل الوطن وخارجه الأمر الذي أدى إلى تكريمي من ابناء جزيرتي ومن جهات عديدة إضافة إلى تمثيلي لدولتي في محافل ثقافية خارج إطار وطني.
كل هذه الأشياء كانت محل متابعة من قبل من يعنيهم الأمر وليترتب على ذلك هذا التتويج بتسمية أحد شوارع فرسان باسمي.
ولا تملك الجزيرة الثقافية في ختامية هذا الخبر المبهج إلا مباركة الأديب مفتاح وإحاطته بكريم الدعوات بحياة قادمة حافلة ومبهجة.