تضاربت الأيام وانطفأ المفهوم الكوني القديم الذي اعتدنا عليه، أصبح كل شيء حولنا يؤول إلى منحى آخر مختلف تماماً عما عهدناه في السابق، انقلبت الكرة الأرضية رأساً على عقب وتشتت الفكر وغرقنا في مفاهيم وأسس جديدة غير قابلة للتحليل والتركيب الرقمي، انطمست أساسيات الحياة، وأصبحنا ندور في قالب كوني جديد لا مخرج له نعود إلى نقطة البداية في كل مرة نحاول الخروج منه.. تشتت الذهن الإنساني وأصبحنا نراقب الأيام وكم من القرارات التي سنقوم باتباعها سواء كنا «ضد» أو «مع»، المهم النجاة في آخر المطاف.. إنه عدوٌ غير مرئي فتك بكل جماليات حياتنا السابقة من أمان صحي واجتماعي، أصبحنا نحسب لكل خطوة أمامنا بكل جاهزية الفكر وتركيز الهدف، لا تكاد تظهر للعلن إلا وتُشغل حواسك بالطريق وبالحذر من ذلك العدو الذكي فقد جعل منا نخوض حروباً مع ذواتنا فاكتشفناها وحروباً مع غيرنا فتجاوزنا عنها. خطواتٌ حذرة وروح قلقة من أن يصادفني أحدهم محملاً بعدوى فيروسية فيلقي السلام علي ويفتك بي في آن واحد، لم تعد الحياة كماكانت كل شيء حولنا ارتدى حُلة جديدة حتى وإن كانت ضد مبادئه المهم طوق نجاة نتشبث به.
هذا الوباء جعل منا بشراً وجلين مضطربين بشأن كل ما يلمسنا أو يصادفنا، جعل من الممنوع ممكناً ومن الزيف حقيقةً، أقنعنا بوجوده بيننا حينما فتك بمن حولنا، أصدر عدة قرارات رغماً عنا، أصبح يسيرنا ويربطنا به في كل نواحي حياتنا.
من كان يعتقد ولو لمرة واحدة أن مؤسساتنا التعليمية ستغلق وتعود بإصدار جديد ومخيف لا تحمد عواقبه.. لم نكن على أهبة الاستعداد لكل تلك التغييرات السريعة جداً في مختلف المجالات الحياتية نحن الآن منصاعون له حتى يمر بسلام أشك به، فلا سلام بعد هذه الجلبة الكونية..!
** **
- وفاء آل منصور