(1)
السماء ..
السماء..
الجسد..
هكذا صرخ الجريح من باطن عزلته..
دافعاً بثقل الفراغ الى أيام هاربة من يديه..
إلى قرى ميتة زارها سوية.. بجوار السوق القديم
غير أن الهواء ليس هنا..
ولا السماء ..
الهواء في أبراج المآذن العالية وذرى الجبال التي تتصاعد منها حفيف الريح ودعاء الامهات وتأوهات عاشقين..
(2)
عن جسد بارد في سرير..
يدخل بيته.. شبح غريب ..
ثم ينتهي الى شحوب المطابخ والنكد الذي يمخره الملل اليومي..
ورائحة صبي يتماثل للشفاء..
(4)
أتلمسك كما يتلمس الأعمى المقتول حمرة دمه..
لكم كنت قصيرة ومخصبة..
لكم كنتِ بارعة في البكاء..
حين ارتخت أصابع الغريب تحت نهديك..
في ليلة.. دون سماء..
ارتخت أصابع الغريب..
وهبط بك نحو قبوه الصخري.. موقظاً بيديه المظلمتين حشداً من الفراشات تحت سرتك..
فاتحاً في جسدك مطراً يبلل الظلام..
مطراً يشبه القهقهة.. يشبه ميراث الغفلة..
وسلال فاكهة انوثتك تخرج ممتلئة ملقاة على الطريق..
وها هي ودائعك.. العصافير تفتح الغرف السرية..
وتقرأ غباراً يدل علينا..
(5)
لان الهواء ليس هنا..
الهواء يعوي في النوافذ التي تطل على العدم ..
الهواء يسفي الذكرى في طريق طويل لم يعد فيه أحد..
(6)
اكتشفت خطأً وسميته نحن ..
هذه أول العتمة ..
اكتشفت صباحاً جديداً ..
وأسميته أيامها الأخيرة..
(7)
كمحتضر ينظر الى قبره تنظرين الي..
انا تفاحة غوايتك المظلمة ..
كسجين ينظر الى سواد أيامه .. تنظرين الي ..
ثم تدخلين في نهارك .. تاركة أثراً من سراب الأمنيات..
(8)
ها هي هزيمتك ..
ناي وحيد .. يغني بعيداً عنك ..
وقيثارك القديم يتذكرك فيصمت ..
هذه أول العتمة ..
هذا آخر الهواء ..
** **
- د. أسعد ناصر الحسين
asad_n_g@hotmail.com