فاتحة..
هذه الرسائل القصيرة أو التوقيعات لم تك حاضرة في الذهن عبر الأيام الماضية، أو صنعة للتو بدأت بها، وإنما -بفضل الله وحده- ثم مع المحاولات المستمرة التي لن ولم تقف لحظة..
هذه الأسماء التي سوف ترد كان لها فضل عليّ كبير، وأثر عميق في مسار الكتابة سواء مباشرة أو بتحفيز واهتمام غارق من هؤلاء النبلاء.
الرسائل كانت تطوف معي منذ كنت طفلاً أجوب شوارع مدينتي الحبيبة في حي أم الحمام ثم جرى تشذيب هذه الموهبة خلال مقعد الدراسة في المرحلة الابتدائية عبر أستاذي القدير غيث الغيثات أستاذ اللغة العربية -رعاه الله- مدرسة خليفة بن خياط، النسيم الشرقي، وفيه مقال منشور تقديراً لعمل أستاذي بعنوان: (غيث!)
الذي كان يناديني في حصة مادة التعبير للوقوف أمام السبورة ثم يرفع الكشف أمام زملائي الأعزاء قائلاً: انظروا إلى درجة زميلكم كاملة.. بارك الله.. ثم ابدأ في قراءة النص! (غيث تحفيزك انهمر!).
ثم أكمل أستاذي الموهوب د. علي بن أحمد القحطاني «أبو عمر -حفظه الله- أستاذ اللغة العربية» مدرب في التنمية البشرية وهو أكثرهم في مدة الأعوام التي فيها قلمي صُنع على عينه وقلمه!، وفيه مقال منشور (عليٌ.. يرتفع!)، وفي المرحلة الثانوية أستاذي المبدع أحمد بن سعود العويس أستاذ اللغة العربية «مدير مكتب التعليم بالسويدي» الذي كان ينادي في حصة التعبير: الآن يتفضل الأديب فهد الرافعي.. وينادي زميلاً آخر مبدعاً: قم أيها المنفلوطي..
-بارك الله- ما أروع تحفيزك أستاذي أحمد!
وحصلتُ بفضل الله ثم باهتمام أستاذي القدير على المركز الثالث في مسابقة المقالة الأدبية على مستوى مكتب الشرق بمقال عنوانه (لحظة كشفت أوراقنا!)..
وأريد أن أخبرك أستاذي القدير أنّ دفتر التعبير 1417 عام ما زال عندي -بفضل الله- وعليه ومضات حروفك الذهبية!
وإن سمح لي الزملاء الكرام في جريدتي الجزيرة الموقرة وهذا الفريق المميز نشر هذه الصورة الغالية على نفسي.
الله أسأل تيسير إتمام مقال عن أستاذي، وهو الآن يمشي في طريقه للصحيفة وسوف يصل إليها بسلام - إن شاء الله- كشأن إخوته السابقين.. مع شكري الجزيل للقائمين على الجريدة في تعاملهم وتعزيز قيمة الوفاء عبر صفحة (وفاء) .. (أنتم أوفياء!)
حين كنت في ثانوية الرضوان، النسيم الشرقي شرفني الله بأستاذ متألق موهوب ياسر بن عبدالمحسن التويجري أستاذ الحاسب الآلي مدرب معتمد في الموارد المالية من جامعة أنديانا الذي كان يحضر مبكراً طيلة أيام الأسبوع وفي يوم الأربعاء يحرص على التبكير أكثر.. كان يقول: حتى أسمع كلماتك الجميلة ومشاعرك المتوقدة في الإذاعة المدرسية!
وله مواقف أخرى تسر ومبادرات تبهج.. (لا أنساها لك!)
هذا الأمر حصل ويحصل لأي أحد بعد توفيق الله ثم بمتابعة أسباب أخرى.. {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} منهج قرآني راسخ.
فمن تلك الأسباب المحيطة التي حولتك بالتشجيع والتقويم ولكن يظل (الجهد الذاتي) يعمل العمل الكبير ويحفر في داخلك حتى تقع وتقبض على قطعة الذهب التي تسكن أعماق نفسك وبعضنا غافل أو سادر عنها وأكثرهم (لا يعملون لها) أو (لا يعلمون عنها!).
(الجهد الذاتي) عد إليها واضغط عليها لسانك، واعقد بها عزمك بعد معونة الله.
وأعني بالقطعة الذهبية هنا (موهبتك وقدراتك) التي امتن الله بها عليك. بعدها لا تسأل عن سعادة تغمر جوارحك وعدد الفرص التي تتفتح أمامك وأولئك الذين يطلبون ودك بشراء هذه القطعة النفيسة منك!
هذا؛ لأن غيرك من أب أو أم أو أستاذ أو رفيق طريق أو زوجة مخلصة أو زميل عمل وأحياناً وهذا حصل معي بحمد الله يكون لقاء عابرًا في موقف مطار أو مشفى أو حفل.
هؤلاء تحركوا نحوك، حين تُقرر التحرك نحوهم في خطوة ٍجادةٍ واثقة.
(تحرك بعزم الآن!)
ثم جاءت المرحلة الجامعية فأكرمني الله بالأخ الكبير أ.د. عبدالله بن سليم الرشيد الشاعر الفذ، يحمل دماثة أخلاق قبل متانة علم وأفكار
-تبارك الله- وعندي ورقة الآن كتبها منذ تلك الأيام الجميلة محفزة ويطالب أخيه الصغير بالاستمرار خاصة في الرسائل القصيرة.
ولا يمكن لقلمي تجاوز قصيدته الخالدة، مفردات قصائده هي حروف من لغة الشمس.. وقد صدق!
هاكم رائعة الدهر.. وبعض أجزاء من قصيدته:
(من أوراق الذات) في ديوانه.. (حروفٌ من لغة الشمس)
أناجيك لو تنسى الغيوث انهمارها
ولو مازج الليل البهيم نهارها
أناجيك والآمال توقد في دمي
مشاعل نور ما ألذ استعارها
أنا ذلكَ المرءُ الذي طَمَحتْ بِهِ
أساطيرُ همٍ، ما أطَاقَ اختصارها
مُعنّىً بصيدِ الحائماتِ مولعٌ
فلما استقرت في يديه، أطارها
إذا لم أكن للنارِ أول مُوقِدٍ
فلا كنتُ ممن يصطلون أوارها
نستأذنك أستاذي الشاعر!
نعود إلى سياق مقالنا.
بدأتْ بعد ذلك تنشط الموهبة ولمّا تقف.. لأن الوقت الذي ترى هذا فسيكون بداية الذبول والضعف لزهرتك والانحسار والتشقق لموهبتك.
ثم قررت نشر خواطري ومقالاتي وإرسالها عبر شاشة الجوال على علاتها وضعفها ولم تزل! لعددٍ من أهل بيتي وعائلتي وزملائي وأساتذتي.
كان لابد لهذا الابن بعد هذه الأعوام أن يمشي بخطواته المتأرجحة إلى أولئك الملأ ويقف أمامهم، ويصعد إلى خشبة المسرح، ويخرج إلى شارع الحياة! (القرار) ليس هو (القرار) الصحيح!
بعد سطر واحد.. إن شاء الله.
أنتم على موعد مع ومضات قلمي الشاب ارتأى نديمكم بثها لكم
كما هي قبل 20 عامًا وتزيد.
** جاري الشحن
دائماً ما يكون سلوكنا مع الناس حسناً وهذا أمر جيد. غير أنّ الأكثر لا يولي اهتماماً كبيراً في تعديل السلوكات السيئة إزاء دواخلنا.
تذكروا.. جمال الورد ينبع من رائحته، وليس من منظره!
** البطارية مشحونة
ليس مهماً أنْ تتفقد (شحن) هاتفك النقال، ما دام أنّ قلبك (مشحون) بالكره والامتعاض حيال من تكلمهم باستمرار.
فخير لك - الآن - أنْ تتفقد شحن قلبك وليس هاتفك.
** ألمٌ وأمل
هناك أشخاص نتواصل معهم بسبب أنّ أسماءهم محفوظة في أجهزتنا المحمولة.. وفي المقابل هناك أشخاص نقترب منهم بسبب أنّ أسماءهم منقوشة في قلوبنا المحمولة.
** فقراء العصر
تلك الأزمة التي أطاحت - بتقدير الله- بكثيرٍ من أرصدة الناس لا شك أنها أزمة مثيرة للشفقة والعطف. إلا أنّ أخلاقهم في تلك المرحلة (عرّت) الكثير منهم..
أجل.. فقراء (المال) أحسنَ حالاً من فقراء (الأخلاق).
** نفخة واحدة
إنك تنفخ على شمعة قائمة فتخمد، لكنك تنفخ على حزمة حطب فيزداد اشتعالاً ولهباً. هي نفخة واحدة إلا أنّ المستقبِل قد تباين ردة الفعل عنده. هكذا هي الحياة.. كما تبدو في كثير من تعاملاتها.
** اقفزهم ولا حرج
اعتاد معظم الناس منح أحكام مسبقة أو مؤكدة على فشل الآخرين..
أما أنا - بفضل الله وحده تبارك اسمه وتعالى جده - فلا أكترث لهم بتاتاً.. فقد منحتُ لقدمي النحيلتين الثابتتين -بمعونة الله- قفزة طويلة عند قربها من تلك العقول الملوثة والأرواح المنهزمة!
** القمر
مَن منا لم يتغزل بالقمر؟!
يبدو جميلاً وأنيقاً..
لكن عندما تود زيارته وقد سبقك آخرون له -بفضل الله-.. فالرحلة -حينئذٍ- ستكون محفوفة بالخطر فهناك من سقط بين ذراع هذا الأنيق ميتاً أو مخنوقاً.
** مخالفة تربوية
يرى الناظر التربوي إلى شعار مطعم (ليتل سيزرز) الرجل العجوز الحجري ممسكاً بيده اليمنى قطعة اللحم المربوطة بالعصا، ثم قضمها بشماله. هذا خطأ تربوي صريح من شأنه يرسخ في ذهنية الطفل.
** انتظار
قلمي وقد بدا هزيلاً..
ألح عليّ بسؤال:
لم أعد أبصر اسم صاحبك القديم في مذكراتك؟!
ثم عاد أدراجه إلى المقلمة وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة..
فربتّ على كتفه، وقبّلت جبينه بهدوء قائلاً:
إن (العرين) ينتظر أوبة (الأسد)
مهداة للأخ الوفي النقي السخي
(أ. نايف بن ندا المضياني «أبو سيف»)
** يا قدسُ
ويْ..
انصرمتْ ليالينا.. ولم تنصرم
مآسينا..
ستعود القدس لنا حرة..
وسترجع لنا أراضينا..
أمانينا.. أمانينا..
** هذا أنا
مع حبي الدفين لك..
لن أسمح لنفسي أنْ تصبح نسخة ثانية منك!
** مطارق الألم
إنّ الألم الشديد يدفع بنا سريعاً فتح أي باب موصد يعترض طريقنا، وتسلق أي جدار مهما بلغ ارتفاعه.
إنني -بفضل الله وحده- ممنون كثيراً لمطارق الألم وصيحات أولئك المخذلين أكثر من تصفيق المعجبين والم..!
** الحب يرحل
حينما نُكئ جراحي..
طويتُ أوراقي.. حزمتُ حقائبي.. غادرتُ مدينتي..
وبعد نوم عميق، تنفس الصباح بيد أنّ الشمس لم تشرق بعد! وعلى أنقاض جرحي، جرح جديد نما.. فدفنتُ بقايا جسدي، وأرسلتُ يدي تصافح جموع المعزين!
** الفشل
كتاب متعدد الصفحات.. لو أمكننا تصفحه بتأنٍ؛ لحصلنا على مستحضر طبي يصف لنا (النجاح).
** تدبر .. لا تحترق!
{وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (33) سورة إبراهيم
النجوم.. لم تُذكر هنا!
ثبت عبر دراسات علمية وأبحاث فلكية أنها تحترق فليست (مستمرة) في الظهور.
لسنا نحصي عدد من رأيناهم (لسنواتٍ) طويلة يظهرون على شاشات التلفزة وأغلفة الأشرطة وعناوين المجلات ونشرات الأخبار والأمسيات الشعرية واللقاءات الأدبية والحوارات الفكرية والثقافية والسياسية واليوم عبر وسائل الإعلام الجديد (الأحفاد الجدد!) إخوان تويتر والفيس..
وغير ذلك من مجالات الحياة المختلفة ثم تبين لنا بعد فترة من الغياب الطويل أنّ أكثرهم قد زال أثره تماماً ولم يعد كالسابق!
إنهم باختصار شديد.. (احترقوا) أو (اختُرقوا!!)