مها محمد الشريف
يتوقَّع الناس من وسائل الإعلام مستويات أداء عليا، فهناك أحداث ومواقف تتعارض مع القناعات، وهي تلك التي يتوقف عندها الكثير من العقول، ولا يمكن تجاوزها أو غض الطرف عنها، ففي زمننا الذي تسوده الأحداث المتلاحقة والمتتابعة وفي منطقة ملتهبة منذ عقود يبرز سلاح الإعلام كأحد خطوط الدفاع والهجوم ضد الأعداء وهو ما يتطلب مهنية عالية وحساسية مفرطة اتجاه ما ينشر حتى لا يكون إعلاماً عبئاً أو عالة إضافية على ما تواجهه الدول من تحديات وفي حالة بعض الإعلام المحسوب بشكل أو بآخر على المجتمع السعودي.
بل وأبعد من ذلك نجد بعض الوسائل تنقل خطب واستعراضات للأعداء على شاشاتها مما يعني ترويجاً وإن كان غير مقصود لرسائلهم فنجد بعضهم ينقل مقتطفات لأحد أذناب إيران عبدالملك الحوثي قاتل أطفال اليمن الطائفي المذهب والهوى والتوجه والخادم للمشروع الفارسي الإيراني كما قامت بعض الوسائل بنقل خطب للمجرم زعيم المليشيا الإرهابية المسماة حزب الله في لبنان، كما ينقلون استعراضاتهم العسكرية مما شكَّل صورة سلبية لدى المتلقي بمجتمعنا عن هذه الوسائل وبات لا يعوّل عليها في أن تكون خط دفاع عن قصتنا ورسالتنا للعالم.
وغالبًا ما تسعى وسائل الإعلام إلى الإثارة لاستقطاب المشاهد أو القارئ، وقد تقتضي المهنية أن تنقل ما يدور في أروقة العدو لكن من المهم عدم إظهارها بهذه الصورة التي تخدمه أكثر مما تضره فهو لا يملك وسيلة انتشار كما هو حال الوسائل التي نعنيها ونتأمل منها الكثير في مواجهة الأعداء، فمن الصعب الحديث عن صورة أبشع من عدوك يظهر على شاشتك وقناة تابعة لبلادك تعرض تهديداته، بالتالي فإن آراء الناس في عرض هذه الصور والخطابات أو اللقاءات تتوقف إلى حد كبير عند هذه الوقائع التي تنشر أو تذاع أو تبث.
إنه أداءٌ، يجب ألا ننسى ذلك مطلقاً لإغراق انتباه المشاهد مهما كانت نتائج تقبله أو رفضه، لذلك فإن المشكلة الرئيسية تكمن في الحماس لهذه الجدل، وكان بكل تأكيد ثمة فكرة مستوردة نرجو دفنها في مهدها، لئلا تكون المحاولات اليائسة لاستعطاف الإلهام وتحقيق النجاح وبين ما هو عادي ومقبول وما هو إبداعي مرفوض.
إن كل وسيلة إعلامية لها أهدافها الاجتماعية ورسائلها الواضحة يشعرها المشاهد والمتابع بمعنى خاص يتعدى الإشارة، لأن ما تقدمه ينتسب إلى أدب البلاد وسياسته، مهما ظهرت ثقافته الوطنية إلى الساحة العالمية، لهذا فهو ابن عصره والرسالة النبيلة الشريفة يستجيب لها بكل قوى روحه، وبكل جهد عقله وضميره، على الرغم من أن كل ما يدور في هذا الزمن الغريب قضايا موجعة وعنف وأدوات عديمة المعنى.
بناءً على هذا فإنه يجب أن يأخذ الإعلام بالتخطيط الإعلامي المناسب لسياسة الدولة من خلال وضع نظريه إعلاميه تحدد أهداف ووظائف الإعلام طبقاً لمفاهيم كثيرة، ربما احتوى هذا المؤشر على تساؤلات لفهم ما يجري، وعن الإستراتيجية الإعلامية التي تحدّد الخطة الإعلامية، هذا دفع الكثير من الإعلاميين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى هجوم لاذع على قناة العربية الحدث السعودية بسبب ترويج القناة لزعيم مليشيا الحوثي.
والأهم من ذلك كله، مسؤولية الإعلام في انتقاء وتصفية ما يعرض من أعمال وبرامج موجهة بشكل عام للمجتمع بما فيه من مواطنين ومقيمين، ويسهم إلى حد كبير في توجيه الرأي العام وبناء أفكار غريبة عجيبة وحشوها بما هو مستهدف بناءً على أجندات مختلفة، فالإعلام هنا سلاح ذو حدين!