غريب تأثير الناس في حياتنا، فمنهم من يضيف لها الكثير بتصرف بسيط وقد يجعل يومك كله سعيداً ومنهم دون ذلك. العامل البسيط في السوبر ماركت يصنع يومي حين يلحظ أن عربة التسوق التي أدفعها تتحرك ببطء فيتبعني مسرعاً إلى إبدالها بأخرى، وأنا لم أتوقع ذلك منه مما يعني لي الكثير والكثير جداً..
بعض الأشخاص من العيار الثقيل فيدخل حياتك ليحولها إلى كابوس حتى في عز النهار، فتواصله أيا كان يثقل كاهلك ويسحب طاقتك أيضا مهما كان بسيطاً، وحتى لو كان نكتة غابرة استحضرها من ملفاته الكئيبة ليلقي بها في «واتسابك»، بل ويتشره لو لم تبعث له مجيباً بـ»استكر» القهقهة، وإن كنت ممتعضاً في داخلك ايما امتعاض.
طبعا لسنا جميعا على درجة واحدة من التأثر والتأثير في الآخرين، لكن حتما لا يمكن الا الاتفاق على أن هناك من يسعدك وهناك من يساهم في تعاستك، حتى لو بشكل مرحلي وفي فترة معينة حتى يصبح حلما قطعه واستئصاله من حياتك.
القوي والذكي من وجهة نظري المتواضعة من وصل إلى مرحلة قطع أي علاقة دونما أدنى تفكير، وذلك في مراحلها المبكرة طالما تسبب له حتى أبسط مستويات الضيق، فمسببات الضيق التي نعجز عن التحكم فيها تكفي كسبب للتخلص من هؤلاء التعساء.
شخصياً، على أني لا ادعي الذكاء، إلا أني أصبحت أتعامل مع البعض كتعاملي مع تلك الاتصالات المشبوهة التي تغزونا بهدف التهكير من بعض الدول فأعمد إلى «بلوك» ثم حذف الرقم حتى ناء جوالي بحملها كاتصالات «مبلكة».
وللإنصاف ولإحداث توازن «تواصلي» بشري فهناك أشخاص ترغب في فتح كل وسائل التواصل أمامهم بل وتعمد إلى «التشييك» بين دقيقة وأخرى خوفاً أن تتأخر في الرد عليهم لأن رسائلهم وتواصلهم مبهج ويسعدك وليس مزاجياً أو انتقائياً فتعرف معه ماذا تعني لهم وما هم بالنسبة لك.
الناس أجناس، مقولة صحيحة تماماً، كما هو الحديث الشريف «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»، ولذا فقد تلتقي أشخاصاً ومن الوهلة الأولى تشعر بالارتياح وكأنك تعرفهم منذ سنوات، والعكس صحيح حتى لو كان التواصل «واتسابياً أو تويترياً» أو من خلال أي وسيلة تواصل اجتماعي من تلك المتعارف عليها، وقد يستمر ذلك التواصل المبهج للطرفين سنوات وسنوات دون أن تسمع حتى صوت الآخر virtual friends إلى حد ما لذلك لعلنا نعزو التقبل وعدمه إلى قبول الأرواح وتنافرها فلا نظلم معها أحداً.
اللهم سخر لنا من الخلق أفضلهم وأمتعهم ومن يضيفون لنا ونضيف لهم ونكون ويكونون خفافا لطافا على حيواتنا التي لم تعد تحتمل المزيد من الضغوطات التي عصفت بها على امتداد السنين.
أمنية وإن كانت ساخرة أن يتمكن العلم من التوصل إلى ريموت نستطيع معه إيقاف وإلغاء ربما بعض التواجد البشري غير المرغوب في حياتنا، وبذلك بضغطة زر حتى قبل اللجوء إلى مرحلة التبليك، وما ذلك على الله بعسير ولا عزيز وسنرقب ونترقب وندعو، كما يقال فالأحلام أحيانا تتحقق بل غالبا تتحقق.