تعتبر الاستكشافات والمخترعات المختلفة التي قام بها بعض العلماء في الماضي والحاضر أساس التطور الذي نشهده الآن. السؤال الذي يطرح نفسة كيف جاءت تلك الاستكشافات والمخترعات؟ لقد جاءت بعد أبحاث ودراسات وتجارب متعددة أخذ وقتًا كبيرًا، صاحبه عثرات وانتكاسات قبل أن تصل إلى تحقيق الغاية، ولكن كان هناك إصرار وعزيمة وتفانٍ من قبل المخترعين والمستكشفين الذين لم تثنهم الصعاب أو العقبات على مواصلة العمل حتى آخر يوم في حياتهم، سوف نورد هنا بعض الأمثلة.
العالم البريطاني جون دالتون صاحب النظرية الذرية، كان طوال عمره يجري بشكل يومي القياسات والأرصاد الجوية حتى في اليوم الذي مات فيه وهو في سن الثامنة والسبعين، وهناك عالم الرياضيات السويسري ليونهارد أولير أحد أهم علماء الرياضيات في العصر الحديث توفي في سن السادسة والسبعين وفي يوم وفاته نفسه كان مشغولاً لدرجة كبيرة في إجراء الحسابات الرياضية الخاصة بمدار كوكب أورانوس الذي تم اكتشافه قريبًا، وهذا عالم الأحياء الهولندي الشهير لوفنيهوك أبو علم الأحياء الدقيقة ظل لمدة قاربت الستين سنة وهو يستكشف بعدسته المكبرة الشهيرة الكائنات المجهرية، وعندما كان على فراش الموت وهو في سن التسعين كان يجهز لتقرير علمي جديد يرغب في إرساله إلى الجمعية الملكية البريطانية، العالم اينشتاين شغل نفسه في العقود الأخيرة من حياته لإيجاد نظرية علمية جامعة توحِّد جميع القوى والظواهر الفيزيائية، ولهذا ظلَّ سنوات طويلة يجري ويجرب المعادلات الرياضية المعقدة حتى وهو في المستشفى ولم يتوقف عن ذلك إلا قبل وفاته بيوم واحد فقط. العالم النمساوي كارل لاندستينير مكتشف فصائل الدم المختلفة والحاصل على جائزة نوبل في الطب لعام 1930م عندما توفي عام 1943م وهو في سن 75 مات على طاولة البحث في مختبره الطبي بمعهد روكفيلر، وأخيرًا هناك الكيميائي الأمريكي جيلبرت لويس أحد أهم علماء الكيمياء في العصر الحديث والمشهور لجميع طلاب الكيمياء في المرحلة الثانوية من خلال ما يسمى أشكال لويس وأحماض لويس، عندما بلغ سن السبعين في سنة 1946م وجده أحد طلبته ميتًا تحت طاولة الأبحاث في مختبر الجامعة.
في تعليمنا يركز المنهج ذكر ما قام به العالم من استكشاف فقط دون أن يكون هناك ذكر كيف مرَّ هذا الاستكشاف أو الاختراع من مراحل والوقت الذي استغرق فيه العالم للحصول على النتيجة، ولا ذكر للصعاب والمعوقات التي واجهت هذا العالم سوء في حياته العادية أو من خلال رحلته العلمية، والهدف من تبين هذا للطالب هو عطاؤه جرعة تحفيز لكي يدرك أن من يكون لديه طموح لتحقيق هدف فإن عليه أن يواجه التحديات بعزيمة وإصرار وجلد، قد يقول أحد المتخصصين في التعليم أن هذا يزيد من محتوى المادة وأنه غير مهم، لكني أعتبره على درجة من الأهمية وخاصة في المرحلة المتوسطة والثانوية التي تفتقر إلى سيرة ذاتية عن المستكشفين والمخترعين.