عبدالرحمن الجبرين
يعد العمل التطوعي أحد أهم المبادئ السبعة للعمل الإنساني؛ إذ يعد التطوع المصدر الأساس للدافعية والإلهام والمبادرة في الأعمال الإنسانية.
والتطوع أصيل في ثقافتنا وموروثنا سواء كان سلوكاً أو عملاً؛ فقد أظهر «مسح العمل التطوعي» الصادر عن الهيئة العامة للأحصاء عام 2019م أن ما نسبته 84% من المتطوعين في السعودية قد تطوعوا لصالح أفراد، بينما البقية تطوعوا لصالح منشآت! وهذا يدل على أن التطوع السلوكي سمة المجتمع وفطرة أهله.
وجاءت الأنظمة والتشريعات لتنظيم العمل التطوعي ومأسسته؛ حيث استهدفت رؤية السعودية 2030 الوصول إلى مليون متطوع، واستهدفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تسجيل خمسين مليون ساعة تطوعية! وفي عام 2020م صدر نظام العمل التطوعي، ودشنت المنصة الوطنية للعمل التطوعي.
وفي سباق تسجيل الأرقام والسعي إلى تحقيق المستهدفات، هل يتم النظر إلى المتطوع على أنه رقم؟! أم إنسان يبذل عملاً نبيلاً؟!
لقد تعالت مؤخراً أصوات تنادي بعدم استغلال المتطوعين، وإن كان يغلب عليها العاطفة والتجييش وعدم الإلمام بأنظمة العمل التطوعي، إلا أن الوقفة التأملية لواقع العمل التطوعي في السعودية مهمة؛ لمعرفة ما تحقق، وما مدى تأثيره، وما إمكانية استدامته؟!
المادة (15) من نظام العمل التطوعي حظرت على منشآت القطاع الخاص الاستفادة من جهود المتطوعين في حال وجود عائد ربحي مباشر أوغير مباشر لتلك المنشآت.
إذاً يحق لمنشآت القطاع الأول والقطاع الثالث الاستفادة من جهود المتطوعين، ولكن المتطوع هنا قد يواجه استغلالاً إذا ما تم استخدامه كرقم لتسجيل عدد مستهدف!
المتطوع في الأساس إنسان بذل من وقته وجهده وغيرهما لعمل إنساني، فمن حقه أن يُعامل على هذا الأساس، باعتبار أن التطوع عمل إنساني.
تتسابق المنظمات من وزارات وهيئات وجمعيات وغيرها لإنشاء إدارات للعمل التطوعي، وإطلاق مبادرات تطوعية، واستقطاب متطوعين، ولكن آمل أن يكون الهدف الأسمى هو التأثير الإيجابي في نفسية المتطوع لضمان استمراره في العمل التطوعي ليكون جزءاً من برنامج حياته وثقافته، وليشعر بأنه عضو بارز في مسيرة تنمية وطنه وخدمة مجتمعه، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال»أنسنة العمل التطوعي».