إيمان حمود الشمري
لفت نظري مشهد في فيلم عمارة يعقوبيان لشخصية زكي الدسوقي (عادل إمام) والفتاة بثينة (هند صبري) التي تصغره بنحو أكثر من عشرين عاماً عندما عبّرت عن إعجابها الشديد به وقالت له: ياريت في منك على صغّير، فرد عليها ممازحاً: زيي علي صغّير مافيش!!
أن تجمع بين الشكل والنضج والخبرة والرزانة هي معادلة لا يمكن أن تتحقق ما لم يمر عليك العمر ليعطيك دروساً.
كبرنا... نعم كبرنا وأصبحنا أكثر نضجاً وأقل انفعالاً وأكثر احتواءً للآخرين، لم يعد من السهل استفزازنا، ولم تعد الأشياء التي كانت تغضبنا في السابق تغضبنا الآن لأننا كبرنا ونضجنا واختلف ميزان الحكم على الأمور لدينا وأصبحنا أكثر اعتدالاً وعدلاً، كبرنا وأصبحنا أكثر تسامحاً وأقل اصطداماً مع الناس وأكثر تفهماً لظروف الغير.
كم أصبح عمري الآن؟... ذلك السؤال المزعج الذي طالما رددته بينك وبين نفسك بانزعاج، هو حقيقة سؤال لم تحسن صياغته لأن السؤال الحقيقي الذي يجب أن تسأله لنفسك هو كم من الخبرة تملك؟ كم أنت مؤثراً وملهماً للغير؟ كم شخص يتمنى أن يكون بنفس حيويتك؟ كم من الطاقة الإيجابية التي تمنحها للآخرين؟ هذا هو الكم الذي يجب أن يثير تساؤلك دوماً مثلما يثير تساؤلهم.
نعم كبرنا وتغيرنا وارتقت أذواقنا وأصبح ما يروقنا على كبر من الصعب أن يتكرر!، أصبحنا أكثر دقة في اختياراتنا وأقل كُلفة.
أصبحنا نقرأ الناس بشكل أوضح ونكشف الأقنعة بوقت أقصر، لم نعد بحاجة لقراءة كتب علم النفس، مرور الناس علينا أهم دورات عمل إلزامية تضاف لرصيد خبراتنا الشخصية.
كبرنا ولم تعد تربكنا أي شخصية لأننا تخطينا هذه المرحلة وانتعلنا خوفنا منذ زمن واتضحت معالم شخصياتنا وأصبحت حجتنا أقوى وأصبحنا أكثر شجاعة وأكثر قدرة على المواجهة وأكثر ثقة بأنفسنا.
كبرنا وقل لدينا هوس الماركات لأننا اقتنعنا بأنفسنا أكثر، وعرفنا أن الشخصية هي الماركة الحقيقية التي لا يمكن تقليدها، فعندما تخلع جميع الماركات وترتدي نفسك وتشعر أنك لا زلت محتفظ بجاذبيتك وحضورك رغم مظهرك البسيط، كيف تجرؤ بعدها أن تقول لنفسك كبرنا.
كبرنا... وليتنا منذ زمن كبرنا لأننا أصبحنا أكثر ثراءً بأنفسنا.