رمضان جريدي العنزي
يعتبر حيوان الرطراط أكثر الثديات كسلاً، يعيش على الأشجار ويتعلق مقلوباً على أغصانها، يقتات على الحشرات والنباتات، كسلان جداً، يمشي ببطء شديد، وبالكاد يتحرك، ملامح وجهه توحي بأنه نائم، لا يتحرك من الشجرة التي يعيش عليها إلا مرة واحدة في الأسبوع، سرعته لا تتعدى حوالي مترين في الدقيقة، لا يبذل سوى الحد الأدنى من الجهد، يقضي معظم وقته في الأكل والاسترخاء والنوم، أن هناك من بني البشر من يشبه الرطراط حركة وعملاً وإنتاجاً، يميلون إلى الراحة والاسترخاء والنوم، ويهوون الخمول والكسل، لا يتحدون الصعاب، ولا يعرفون تحقيق الأهداف، مسيرتهم في الحياة متعطلة، وإنتاجهم واهن رخو وضعيف، ما عندهم قوة إرادة، عزيمتهم غائبة، وطاقاتهم مهدورة، اعتادوا الخمول والتثاقل إلى الأرض، اختلط ليلهم بنهارهم، وجدهم بهزلهم، أن من يصاب بمرض الكسل يعيش على هامش الحياة، ويصاب بمقتل، لأن الحياة لا تقاوم إلا بنشاط وجد وحركة وعزيمة، أن الكسل والتراخي والخور، لا تساعد على البناء والتعمير والتطور، أنه آفة مهلكة، وشر مستطير، يفسد الإنسان، يوهنه، ويقوده إلى الفتور، ويؤدي إلى تخلفة عن الركب والمسير، أنه جرثومة قاتلة، وداء مهلك، يعوق النهضة، ويمنع من المثابرة والسعي والتطلع، أن العمل مهما كان حقيراً أو صغيراً فهو خير من البطالة والتسول ومساءلة الناس، ولا يليق بالإنسان القادر أن يرضى لنفسه أن يكون حملاً ثقيلاً أو عالة على كاهل غيره، قال الإمام الشافعي:
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وأن لم يجر لم يطب
إن الماء الراكد يتغير طعمه ورائحته، فلا يُشرب منه، ولا يُتطهر به، وكذا المعالي لا تدرك إلا بالعمل والجد والمثابرة، وأن ركوب الأهوال والمخاطر تكون الفرحة واللذة بعدها، فلا فرحة لمن لم يتعب، ولا لذة لمن لم يعمل، أن الشقاء والتعب يأتيان بالراحة، والسهر والمتابعة يجلبان النجاح والفلاح، أن الخمول والكسل لا يليقان بالإنسان الحي، بل لا بد من الهمة والنشاط ومبارزة الحياة، أن على الإنسان الحي أن ينفض عنه رداء الخور الكسل، ويزيح عنه دثار الوهن والخمول، وأن لا يكون كما - الرطراط - كسلاً ونوماً وحركة، بل عليه أن يستدعي كامل طاقاته ليحقق طموحاته وتطلعاته، لكي يصبح فرداً فاعلاً ونافعاً في المجتمع، بعيداً عن سلبية الوهن والكسل، ورتابة النوم المفضي للكآبة والتعاسة والملل.