سهوب بغدادي
كانت وزارة الدفاع قد أعلنت في عام 2019، السماح للمواطنات السعوديات بالانضمام للوزارة، وشغل وظائف عسكرية برتب متعددة. ومؤخراً شهدنا تنظيم هيئة الأركان العامة حفل تخرج الدفعة النسائية الأولى، يوم الأربعاء الماضي، بالتزامن مع الافتتاح الرسمي لمركز تدريب الكادر النسائي، حيث انهالت التعليقات الإيجابية والدعاء لهن بالتوفيق والسداد في هذه الخطوة المفصلية في تاريخ المرأة السعودية في الوطن الغالي -حفظه الله- ولم يسع المعلقين أن يتمالكوا مشاعرهم بالفخر والاعتزاز بالخريجات وذلك أمر بديع لما فيه من أبعاد عديدة تتعدى كون المجتمع السعودي يعاصر فكراً مختلفاً عن سابقه وفعلاً محققاً وواثقاً نحو مستقبل مشرق. في الوقت الذي يدل فيه تواجد المرأة في القطاع العسكري على أنها شريك لا غنى عنه لأخيها الرجل.
من هنا وفي نسق مكمٍل نلمس أن الاعتبارات المقررة للمرأة السعودية في القطاعات والكيانات الفاعلة تتماشى بتسارع مع رؤية الوطن 2030 من ناحية تمكينها وتقديرها، إلا أن هناك أمراً أثار حفيظتي من وزارة الإسكان، متمثلا بالتغريدة الآتية «أكد حساب خدمة المستفيدين التابع لوزارة الإسكان على منصة تويتر، استحقاق المرأة المطلقة والأرملة للحصول على الدعم السكني الذي تقدمه الوزارة عبر برنامجها «سكني» وذلك وفقاً لاشتراطات محدّدة أبرزها وجود دخل ثابت، ومضي عامين في حالات الطلاق، والإقامة داخل المملكة قبل عام من تقديم الطلب» وهو أمر جميل من الوطن عندما يساند ويدعم المواطن نحو الاستقلال خاصةً بعد أن منحت المملكة منذ مدة قريبة المرأة البالغة العاقلة حق الاستقلال بالسكن وحدها، وألا يُعدّ ذلك تغيباً يعرضها للعقوبة أو المساءلة، ويتبين من التغريدة أعلاه من خلال البند الثاني «مضي عامين على الطلاق» أن هناك عدم توافق أو تزامن مع قرار تمكين المرأة من السكن المستقل باعتبار أن المطلقة ستعود إلى منزل والدها أو أحد أقربائها بمجرد حصول الطلاق، ومن ثم ستطالب –إن فعلت- بسكن مستقل من ضمن النفقة الواجبة على طليقها في حال تواجد أطفال وهذه الحالة الوحيدة التي ستمكنها من الحصول على السكن المستقل بعد الطلاق، إلا أن عدم تواجد الأطفال يجعلها غير مخولة للحصول على منزل من الطليق «شرعاً» وغير مخولة للحصول على دعم «سكني» لمدة عامين «قانونا» وفي ذلك إجحاف في حق المرأة، استناداً إلى ما يطبق على الرجل في ذات الحالة والموطن، فعندما تتطلق المرأة لن تتمكن من الحصول على دعم سكني إلا بعد مضي عامين من تاريخ إصدار صك الطلاق، في المقابل سيتمكن «طليقها» من الحصول على دعم «سكني» فوري بمجرد تواجد أطفال! بغض النظر من كون الأطفال وحضانتهم تنتقل فوريا للأم وهذا ما نصت عليه قوانين الحضانة الأخيرة وتعمل به محاكم الأحوال الشخصية في المملكة، فكيف بهذا الطفل أن يكون ميزة للأب بتمكينه من السكن، وفي نفس الوقت أن يكون ذات الطفل دون مميزات؟ فالمسألة تأتي من خلل في أنظمة الاستحقاق، ومن وجهة نظري أن من يستحق السكن بغض النظر عن كونه رجلاً أم امرأة في حالة الطلاق، هو الشخص الحاضن للطفل والذي يقوم على احتياجاته اليومية ويجابه أعباء الحياة ومتطلباتها المختلفة.إن في تأطير المرأة المطلقة واختزالها في حالة اجتماعية أمراً يتنافى مع مبادرات وزارة الإسان ذاتها، فلماذا أطلقت الوزارة مبادرات إسكان للمدنيين، والعاملين في التعليم، والعاملين في القطاع العسكري، ومبادرة الإعلاميين؟ فالمرأة تعمل في جميع القطاعات السابقة، إلا أنها لن تتمكن من الاستفادة من كل المبادرات بمجرد حصول «مصيبة الطلاق» وعليها أن تتحمل تبعات إخفاقها في حياتها الخاصة لمدة (730) يوماً على عكس الرجل. إذ يعد المسكن وفقاً لهرم «ماسلو» للاحتياجات الإنسانية من قواعد الأمان الأساسية في بداية تكوين الهرم. ومن هذا المقام، أتمنى من الوزارة والجهات والكيانات الحيوية في المملكة أن تقوم بتحديث دوري لقراراتها وأعمالها بناء على المعطيات والقرارات الحديثة بما يتوافق مع بنود رؤية المملكة لنكون جميعنا شريك وسواعد صلبة تتحمل لتبني وترسي قواعد لغد ملهم على جميع الأصعدة.