م. بدر بن ناصر الحمدان
من المؤسف أن يخفق متخصص بالتخطيط العمراني في الدفاع عن أفكاره وقراراته وتوجهاته، ويقف مرتبكاً ومتردداً وبلغة جسد ضعيفة، ولا يستطيع حتى تنظيم أفكاره وتسلسلها، وانتقاء المفردات المناسبة، واستحضار المعلومات اللازمة من أجل توظيفها في إقناع الآخرين أو متخذي القرار عند طرحه لمشروع أو مبادرة ما، خاصة إذا ما كان ذلك في حضرة مجموعة من المسؤولين والمتخصصين والممارسين من ذوي الخبرة، وهو أكثر التخصصات التي تتطلب أن يتسم صاحبها بكاريزما الظهور القوي والمؤثر والمتزن.
الشخصية المهنية المفقودة لكثير من الممارسين الحقليين في مجال التخطيط العمراني أمر مقلق، فالمخطط العمراني سيجد نفسه في دائرة القرار بعد وقت وجيز من خط البداية، وسيكون مطالباً بأن يمارس دوراً قيادياً وتوجيهياً في مرحلة مبكرة على مستوى فريق العمل أو المشاريع أو الجهاز الإداري أكثر من غيره عطفاً على طبيعة مهنته التي تمثل الوعاء العمراني للمدن، وفي حال عدم قدرته على تطوير مهاراته الشخصية التي تساعده على القيام بذلك، فحتماً سيواجه تحديات كبيرة جداً في مسيرته العملية، حتى وإن كان متمكناً من تخصصه وملماً بعلومه ومعارفه، هذا وحده لن يكون كافياً.
المسؤولية هنا على عاتق النظرية والتطبيق، ففي المسار التعليمي أعتقد أن كليات التخطيط العمراني يجب أن تعمل على تعزيز بناء شخصية الطلاب الذين يدرسون في هذا المجال، وتبذل جهداً أكبر في بناء قدراتهم الذاتية، سواء من خلال استوديوهات المشاريع أو من خلال تدريس مقررات مستقلة لهذا الغرض، كما أن المسار العملي يحتم على القطاعات الحكومية والخاصة التي يعمل فيها هؤلاء الطلاب كموظفين بعد التخرج أن تخصص لهم برامج مباشرة لصقل شخصيتهم المهنية بالقدر الذي يؤهلهم لتمثيلها، فالتخطيط العمراني حقل يعتمد بشكل كبير على «كاريزما التأثير» بهدف إقناع متخذي القرار وأصحاب المصلحة على مستوى إدارة المدن، هذا أمر في غاية الأهمية.