الهادي التليلي
يقف العالم مشدوها أمام ما وصل إليه الوضع اللبناني من تردٍ اقتصادي واجتماعي وعلى جميع المستويات، دولة تنهار يوما بعد يوم وكل العالم يرى في صمت ويسمع ولا يتحرك التحرك البناء فالطبقة السياسية التي قد يكون ولاء أفرادها لكل القوى الخارجية القريبة منها والبعيدة ولكن لا ولاء لها للبنان هي سبب المشاكل.
وإيران تعربد عبر وكلائها كما يحلو لها وتبتز العالم والمجتمع الدولي من خلال الورقة اللبنانية والغرب وخاصة فرنسا يهمها أن يكون الشأن اللبناني بمثل هذا السوء حتى تحافظ على وضع المستعمر غير المباشر والوضع الإقليمي عكر المشهد أكثر، حيث تلقي الأزمة السورية بظلال قاتمة على المستوى الاجتماعي والتشتت السياسي الداخلي متعدد الولاءات جعل أفق التغيير مسألة أعقد من أن يتم التفكير فيها.
لبنان تتقدم نحو الهاوية ولا أحد من طبقتها السياسية حاول وتجرأ على الحفر في الحلول الجذرية لا أحد مهتم بالسيادة الوطنية فقط بالغنيمة والظهور والتطاوس السياسي.
محرقة الميناء كشفت عن هشاشة الشأن الأمني الداخلي وتقاطع المصالح الخارجية في بلد كان من المتوقع أن يكون الميناء الآمن لبناء العراق وهو ما أزعج إيران وإسرائيل ولبنان يستطيع أن يبني تنمية رشيدة بمقدرات أبنائه المرابطين في قلعة وطنهم وخاصة المهاجرين ولبنان مؤهل لأن يكون من عواصم سياحة الأعمال والمؤتمرات، وكذلك من عواصم الترفيه في العالم فلبنان التي كان يطلق عليها فيينا العرب لم يعد يستطاب العيش فيها حتى لأبنائها وتلك مأساة ما بعدها مأساة
يطالعنا كل يوم مشهد مضحك مبكٍ، مشهد طال إلى ما يشبه الملهاة المأساة وحكاية تذكر بمرحلة ما قبل فترة الحرب الأهلية ففي الداخل لا أحد يبحث عن الحل والجميع فقط يتصيدون أخطاء بعض والخارج تتلاطم أمواجه على سواحل بيروت والدولة اللبنانية هي الخاسر الأول.
إيران أصبحت ترى في لبنان جزءاً منها وفرنسا تجتهد في إبقاء مستعمرتها غير المباشرة على ما هي عليه والطبقة السياسية كما البيادق في لعبة الشطرنج حركتها مرتبطة بسياقة حركة أشمل هي حركة المركز.
لبنان الذي غابت عنه خارطة طريق واضحة لتعدد الطرق والمسارات المؤثرة على الشأن الداخلي تواجه المستقبل بلا أفق واضح وبلا أمل.
كل الفاعلين السياسيين بالداخل اللبناني شركاء في المأساة شركاء في كل تدخل خارجي الألم الذي يعيشه هذا الشعب الراقي الذي قدم للعالم أسماء وأسماء والذي ترأس أبناؤه دولا والذي يعد الأسهل في تنفيذ خطط التنمية الشاملة يجد نفسه وقد فقد شركاء نجاحه الحقيقيين الذين كانوا يقدمون له المساعدات والدعم دون أن تكون لهم حاجة أو مصلحة وارتموا في أحضان هاوية إيران التي كلما تعالقت مع دولة أغرقتها في مصالحها الخاصة وفي حروب بالوكالة وفي دماء بالداخل والخارج، وزيادة على ذلك عمقوا تبعيتهم الفجة لفرنسا التي صارت متنمرة على السيادة الوطنية اللبنانية على مرآى ومسمع.
لبنان ستعود وهذا أكيد لأن تاريخها العريق وعزيمة أبنائها معروفة لدى القاصي والداني ولكن بعد الحرث في الأرض الحقيقية وزرع النبتة الصالحة وغربلة تربتها وكنس أعداء النجاح وأسباب الفشل ومكاشفة الذات.