عبد الرحمن بن محمد السدحان
* ثَمّة مقولةٌ تدّعي أن جزءًا من السلبيات التي تعاني منها بعض أمصار العالم الإسلامي مرجعيتُها (سلوكيات) بعض المسلمين أنفسهم، مما قد يؤلّب بعض الأفئدة ضدهم في أماكن أخرى من العالم المعاصر، والغربي منه خاصة.
* * *
* قلتُ مُعلّقًا على ما ورد أعلاه أن هناك قدرًا من الحقيقة في مضمون تلك المقولة، وكلّنا يعلمُ أن سلوكيات أيّ منظومة من البشَر في أيّ مكان، مرآةٌ يراها الآخرون من خلالها، ليحكموا على تلك المنظومة إن إيجابًا أو سلبًا!
* * *
* عمليًا، الناسُ ليسُوا سواء، حتى لو خرجوا من رحم واحد، وعاشوا تحت سقف واحد، وأكلوا من زاد واحد، نعم.. هم يأتلفون في أكثر من شيء، لكنهم يختلفون في أشياء، وبالتالي، تتباين أنماط سلوكهم تبعًا لذلك. ومن ثم يجوز القول بقدر من اليقين أن الاستدلال بفعل الجزء على الكل يعوزه حكمُ العقل وحكمته!
* * *
* وترتيبًا على ما سبق، يجب ألاّ نتجاهلَ حقيقةً نفسية واجتماعية، هي أن لدى معظم الناس ميلاً فطريًا (للتعميم) في (محاكمتهم) للظواهر الإنسانية والاجتماعية، مستندين في ذلك إلى شواهد سلوكية لهذه الفئة أو تلك من البشر، فإذا شاهدوا أنماطًا من السلوكيات غير مألوفة في (ناموسهم) الاجتماعي أو مرجعهم الموروث، سارعوا إلى التعامل معه إما بالرفض المباشر أو بالتحفّظ المسْتَتَر، وتبقى النتيجة واحدة: إسقاط ما لا يجب إسقاطه تعميمًا!
* * *
* ما سبق من قول يدخل في عموم بدهيات مألوفة ومعروفة. وقد سمعنا قديمًا ونسمع الآن صِيَغًا وأحكامًا أُلصقت بهُويّات بشرية تفترش كوكبنا الأرضي، يحتاج معظمها إلى شاهد أو دليل!
* * *
* والمسلمون، كغيرهم من البشر، تعرَّضوا ويتعرَّضون إلى أوصافٍ عشوائية اقترنت في بعض الأذهان بنعوُت غير حميدة، كالإرهاب والرغبة في التقوقع داخل أسوار الماضي وأسراره!
* * *
* وحديثًا، بات مُصطلح (الإرهاب الإسلامي) الشغلَ الشاغلَ لبعض المراقبين والمحلّلين، ناهيك بالأفراد العاديين، في غرب القارة الأوروبية وبعض أصقاع أمريكا الشمالية، بل قد ظهر في بعض الأوساط الأكاديمية وأشباهها من يحذِّرَ وينذر من (الصدام الحضاري) مع المسلمين في بعض أرجاء الأرض، ويقف في مقدمة المحذِّرين أو المحرِّضين ضد المسلمين، الأكاديميُّ المعروف (هيننغتون) من جامعة هارفارد، في زمانه ومكانه، إذْ صوّر المسلمين بـ(العدوّ الجديد للحضارة الغربيّة ومنجزاتها)!
* * *
* وبعد.. فإن المسلمَ العاقل لا يستطيع أن ينكرَ وجودَ من يتمنّى له ولدينه كرهًا، إلاّ أنه في الوقت ذاته (يتحفّظ) على ارتداء قبّعة (التعميم) غير السويّ، فيحمّلَ قومَه وملّتَه الأوْزارَ بلا يقينٍ ولا دليل.