تبحث الشركات ومقدمو الخدمات عن رضا المستهلك والعميل، وتسعى لتقديم عروض ومزايا لجذبه، خاصة ما يعرف بخدمات ما بعد البيع لضمان رضاه عن المنتَج أو الخدمة التي قدِّمت له. ومن الملاحظ في قسم خدمة الزبائن بشكل عام في منطقتنا أن لها وجهين: الوجه الأول قبل أن تصبح عميلاً، وهو الوجه البشوش المتعاون المرحِّب المضياف، فيقدم لك القهوة والشاهي، «تذكروا موظفي البنوك عند تقديم وشرح القرض، وبائع السيارة أو الفيلا...».
أما الوجه الآخر فتراه بعد أن تتحول إلى عميل لهم وتواجه مشكلة أو سوء فهم لما تم الاتفاق عليه، فلا تنصدم من الوجه الآخر المعبس المشغول الذي يحمِّلك الخطأ ويفترض أنك سبب المشكلة دون اعتبار لأن يهتم بك، لأن وظيفته وواجبه أن يخدمك على أحسن وجه. طبعًا لا تخلو البلاد من شركات محترمة تؤمن بهذه الخدمة، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وحرصها على اسمها من التشويه، بل إن هذه الوسائل أصبحت أكبر محفز لتجاوبها وحل مشكلة العملاء، ولكن بعض الأعطال التي تواجهك في سيارتك أو هاتفك أو بيتك الجديد أو شركة التأمين أو المستشفى تتطلب التفاهم والتعاون من مقدم الخدمة، وهذه -للأسف- فيها المماطلة ومحاولة تحميلك هذا الخطأ أو العيب، وما يحيِّر أن موظف خدمة العملاء غالبًا ما يتعامل معك وكأنه «عريف الفصل»، يسعى لفرد عضلاته والتنظير بأن هذا الخلل أو العطل غير مشمول في الضمان. ومن تجربة شخصية مع مختلف وكلاء السيارات، خدمة ما بعد البيع ومدى رضاك تعتمد بشكل أساسي على شخصية من تقابل، مع ملاحظة عامة بعدم الإعداد والتدريب المسبق لهذا الموظف وطريقة فهم المنتج والتعامل مع العملاء، بل إنه أحيانًا يجعلك تعاني وتضطر لمخاطبة الشركة الأم عبر الإيميل والتي تتجاوب بشكل سريع أو الذهاب للشكوى عبر وزارة التجارة التي تجبر الوكلاء للسيارات -على سبيل المثال- لاستدعاء بعض سيارات الأعطال المبلغ عنها من الشركة الأم، ولكن لولا رقابة الوزارة لتم تطنيش ذلك دون اكتراث أن الشركة الأم هي التي تتحمل كل المصاريف.
فمن القصص الطريفة للاهتمام بخدمة ما بعد البيع في أمريكا، هي شكوى أحد العملاء أن سيارته الجديدة لديها حساسية من أيسكريم الفانيلا، وطلب حل مشكلته وأرسل إيميلاً للشركة التي تجاهلت الشكوى الأولى، وتجاوبت مع الثانية ليتواصل معه مهندس ليرافقه أثناء المشكلة والتي لاحظ أن العميل عند شرائه أيسكريم الفانيلا يواجه مشكلة في تشغيل السيارة عكس الأنواع الأخرى من الأيسكريم، وبعد بحث مطوَّل تبيَّن أن أيسكريم الفانيلا يلاقي إقبالاً من الزبائن لذا يوضع في الأمام ويقدَّم بسرعة عكس الأنواع الأخرى، ليكتشف أن هناك مشكلة في التبريد لمضخة الوقود وتحتاج إلى حل خاصة مع العودة للسيارة سريعًا. الخلاصة أن الاهتمام بشكوى العملاء من أسس تطوير الخدمة وكسب الولاء، بعيدًا عن المبررات الجاهزة، فلا بد من تدريب موظفي خدمة العملاء على فن الاستماع وأخذ كل شكوى والملاحظات بجدية واهتمام لحلها دون البحث عن تبرير أو سوق أعذار أو تحميل العميل الخطأ أو أنه واهم ويتهيأ له وموسوس.
ولتؤمن عزيزي الموظف أن الضمان مدفوع من أجل تحمّل وإصلاح الأعطال، وهي حق للعميل فاحرص على تقديم أفضل خدمة له من دون افتراضات مسبقة، واعلم أن الشركات تدفع الملايين في سبيل عمل دعاية لإقناع المستهلك ليصبح زبونًا لديها، فلا تضيِّع عميلك ظنًا أنك تقدِّم خدمة لشركتك بتوفير وتقليص المصاريف لا سيما من خلال العيوب التي يتم التبليغ عنها، فلن ينالك من التوفير سوى التحول إلى موظف روتيني بائس يجيد فن الرفض. وعزيزي مقدِّم الخدمة درِّب موظفيك جيدًا لفهم منتَجك، واشرح خدماتك بوضوح وتعاون ودربهم على الاستماع جيدًا لعملائك وزبائنك لأنهم هم من يطورون خدماتك، ولنطبق مقولة منتشرة « الزبون على حق» ما لم يثبت عكس ذلك، فلنتعامل مع كل شكوى بجدية بعيدًا عن التذمر من «غثاثة» الزبائن حتى لا تخسره مع دخول أقرب منافس متفهم ومتعاون معه ويخدمه على أكمل وجه.
** **
@AtiaAkilan تويتر