فيصل خالد الخديدي
يتعاظم دور المثقف والأديب إذا اقترن منجزه الأدبي بالعمل في الشأن الذي يُنظر ويكتب عنه, ويزداد الأمر مشقة ويصبح محكاً حقيقياً للقيم والمبادئ التي يطالب بها إذا تسنم مهام قيادية في المجال الذي يبدع فيه, ولعل الأستاذ علي خضران القرني أنموذج حقيقي للمثقف الأديب الذي قام بدور القيادي الحكيم وقدم منجزاً أدبياً متنوعاً بين كتابة الشعر وإنتاج النصوص القصصية وإصدار الكتب والمقالات النقدية, أما عمله الإداري فأيضاً كان متنوعاً بين كونه أحد قيادات التعليم بالطائف لسنوات وشغل منصب مدير تعليم البنات المكلف وتعامل مع شريحة مختلفة من الجماهير والمستفيدين، وفي فترة صراعات تيارية كان أحد أهم ميادينها التعليم, ولم يكن العمل في الشأن الثقافي والأدبي بعيداً عن الصراعات والاختلافات, فالأستاذ علي من مؤسسي العمل الثقافي والأدبي بنادي الطائف الأدبي، وشغل منصب نائب رئيس النادي وعاصر على مدار أكثر من ثلاثين عاماً كثيراً من الأحداث والتغيرات في الوسط الثقافي, فالفترة التي عاصرها كان بها كثير من الحراك والعديد من الأحداث والخلافات, والمواقع التي يشغلها إدارياً كانت ميداناً خصباً لهذه المتغيرات والصراعات، ولكنه بالرغم من قربه من كثير من الأحداث لم يكن طرفاً في أي نزاع أو اختلاف، وفي ذات الوقت لم يكن بعيداً عنها ولكن بدور المصلح والمقرب لوجهات النظر بسمت وحكمة وبعد نظر وتقدير ومحبة لجميع أطراف القضايا، فحكمته ودماثة خلقه ووجاهته كانت تؤهله لأن يكون طرفاً مؤثراً في حل كثير من النزاعات والاختلافات ويكون صمام أمان للعمل في مؤسستين عاشتا فترات أشبه بصفيح ساخن, وتمثّلان ما كان يكتبه في مقالاته وقصائده وقصصه من قيم ومبادئ تمثّلها في تعاملاته الادارية وقيادته الحكيمة لكثير من الأمور الشائكة في تعليم الطائف ونادي الطائف فعطاؤه الثقافي المتنوع لم يتعطل أو يتنافى مع مبادئ قيادته المتزنة بل كان صادقاً وحقيقياً في كل ما يقدم.