سأبدأ من مثل فرنسي رواه ذات مرة الدكتور محمد غنيمي هلال من كتاب «علامات استفهام» للدكتور علي شلش، هذا المثل الغريب والعجيب والمدهش يقول في ملخصه (إن الأسد لم يكن في الأصل أسداً وإنما كان مجموعة من الخراف أكلها، وهضمها جيداً، حتى صار على صورته).
ما علينا بصراحة في سبر أغوار هذا المثل لكننا بطبيعة الحال، سآخذه وأطبقه على هذا الكائن الحرفي - إن جازت لي هذه التسمية - الذي يعتمد في المقام الأول على الوزن والقافية ضمن المدرسة الكلاسيكية الخليلية كما يطلق عليها مؤخراً، وإن النقاش حول ذلك هو من العبث أو ربما من الجدال البيزنطي النقاش الذي لا فائدة منه، لكني بكل أمانة سأبحر ملامحي هذه المرة حول الشعر المنثور أو قصيدة النثر، أو الأبيات الجديدة، تعددت الأسماء والإبداع واحد!
إن التطور الطبيعي للشعر هو قصيدة النثر، ولست هنا في مقام ضد أو مع هذه الحالة الشعرية لكني الحق والحق يقال من وجهة نظر سعلية طبعاً، إنها حالة لا بد من دراستها ولعلني أضع لبنةً مخضبة بورد الحرف. الجزيرة، وماء الكتابة الثقافية في هذا الزواية خصوصاً أنها تأتي بعد عام مضى وفيه لكل امرئ أن ينتبه لكشف حسابات تفكيره لاستقبال عام جديد فكل عام وأنتم بخير وإن تأخرت في متن مقالي هذا!
بدايةً دعونا نفترض أن قصيدة النثر أسد في صورته النهائية - مع اختلاف تشبيه الخراف على كل حال- ومعنى هذا أن الأم الأولى الخليلية لم تبق كما هي بمعنى أنها تطورت من مرحلة، إلى مرحلة فظهرت قصيدة التفعيلة ونازك الملائكة.. كمثال ثم الشعر الحر، والموشحات الأندلسية وكي أكون أميناً أكثر تطور النص الشعري هذا ولم يختل توازن القصيدة وظلت متماسكة، وإن اختلفت قوافيها، حتى جاءت قصيدة النثر وكسرت رقبة النظر في الشعر الكلاسيكي وزناً وقافية، وظهر شعراء في كل المشرق العربي وعلى سبيل المثال عندنا في السعودية عرابها من الشباب عبدالله ثابت... ومنذ ذاك الحين ظلت أسداً متماسكة وبرز شعراؤها في كل قطب عربي، نسمع ونقرأ مبدعاً فيها، والذي يحير بالفعل الكثير من شعراء الخليل بن أحمد الفراهيدي، صاروا يكتبون اليوم هذه القصيدة الأسد، بل المضحك، أن الذين يهاجمونها الآن، أصدروا دواوين باسم قصيدة النثر!
فما تفسير ذلك؟ وهل فعلاً الشعر مثل الأسد الفرنسي؟
سطر وفاصلة
خشبة المسرح جاهزة
ظل الممثلين يتصاعد
مدير الصالة يطفئ الأنوار
بدأ العرض بقعة ضوء
بطل العمل يرفع بصره
الجمهور:
سعادة السيد غياب
الأبواب صامتة وضوء القمر
من النوافذ همس الشوارع
انتهى العرض
الكراسي تصفق
** **
- علي الزهراني (السعلي)