«الجزيرة الثقافية» - محمد هليل الرويلي:
ذكرت الشاعرة (هيفاء الجبري) في معرض إجابة تحدثت فيها عن مقولة الشاعر نزار قباني: «إن مشكلة - شعراء (الريموت كونترول) أنهم مستعجلون جدًا، ويريدون أن يطبخوا يملؤن أعمالهم الشعرية الكاملة بخمس دقائق، دون أن تكون لديهم المواد الأولية اللازمة، من سمن، وزيت، ولحم، وطحين، وبهارات، وعبثا نحاول أن نقنعهم، أن الطعام العربي دقيق جدّاً، ومعقَّدٌ جدّاً، ويتطلب الصبر الطويل، والخبرة المهنية، والكرم الحاتمي.. ولكنهم لا يسمعون النصيحة، ويظلون على قناعاتهم، بأن أبا الطيب المتنبي تعلم الطبخ في مطعم (ماكدونالد)... في رسالة وجهتها شاعرتنا «الجبري» تعقب هذه الرسالة القاسية والساخرة معًا، قائلة: تلك هي القسوة الرحيمة. فإن يمكث الشاعر وقتًا أطول في إعداد قصيدته ثم يتناولها المتلقي مستشفيا بها عقله وروحه خير من وجبة سريعة بتكرار تناولها ينتكس الذوق وتعتري المتلقي تخمة الأكلات ذات الدهون المشبعة، ودعني أقف هنا وقفة لعلها رسالة لي أولاً قبل أي شاعر آخر:
كيف يستطيع الشاعر تقييم ما إذا كان حقًا من صنف شعراء الوجبات السريعة الذين ينتجون في اليوم آلاف الوجبات أم أنه من صنف الطهاة العالميين الذين لا يعرفون طريقة إعداد الوجبة فحسب بل يعرفون منشأ كل مكون من مكوناتها ومدى جودته وقيمته الغذائية وانعكاسه على صحة الإنسان؟
وتتابع الشاعرة هيفاء القول: وباعتبارنا نعيش في زمن متسارع فنحن لا نفترض عبثًا أن يكتب الشاعر الحوليات كأسلافه الذين زامنت كتابتهم القصيدة الواحدة الفصول الأربعة.
لكننا ندعو الشاعر إلى أن يحذو حذو العدّاء كما أشار إلى ذلك الكاتب راي برادبيري في كتابه «الزن في فن الكتابة» حين قال «وكذلك العدّاء فلكي يتمكن من قطع مئة ياردة عليه أن يقطع عشرة آلاف ميل ركضا».
أسئلة عديدة وقضايا متنوعة تطرحها الثقافية على الشاعرة هيفاء الجبري في حوار ينشر في عدد قادم..