د. فهد بن أحمد النغيمش
تتقاصر العبارات وتتزاحم المفردات في الثناء على أناس قدموا الكثير من التضحيات والإنجازات والتي أضحت عنواناً ناصعاً في أعالي الصفحات البيضاء التي سطروها بإخلاص وتفان ووفاء وعطاء لهذا البلد المعطاء.
من أقصده بحديثي هو قائد ملهم وأستاذ جامعي من طراز فريد في عالم القيادة وفن الإدارة تصدى لفترة التأسيس بحنكة وحكمة ورؤية ثاقبة وتخطيط محكم لمستقبل واعد فآتت ثمارها اليانعة وأصبحت جامعة المجمعة في مصاف الجامعات المتقدمة رغم قصر المدة وصعوبة الفترة!
ذلكم هو الأستاذ القدير والدكتور الفذ: معالي رئيس جامعة المجمعة سابقاً د. خالد بن سعد المقرن والذي ترجل عن صهوة جواده بعد أن أمضى 12 عاماً من العمل الدؤوب والمستمر مخلفاً وراءه إرثاً كبيراً من الإنجازات يصعب حصرها في أسطر معدودة وكلمات محدودة!
كنت إبان رئاسته تراودني الخطى في التعبير بمكنوني تجاه هذا القائد لكن خشية أن يفهم بأن ما أكتبه هو تزلف وتودد من مرؤوس لمرؤوسه جعلني أحجم عن الحديث عنه وعن مسيرته الزاكية وإلا فهي من أبسط حقوق المسلم على أخيه المسلم ذكر محاسنه ومجامله!
وبما أنه غادرنا دون سابق إنذار أو إخطار فإني أجد أناملي تمتد إلى قلمي بلا شعور فتخرج مكنونها وتظهر مخزونها تجاه مرب كريم وأكاديمي فاضل تولى هرم قيادة جامعة المجمعة زمناً من الأزمان وحقبة تروى على الأنام!
من سأكتب عنه لست مبالغاً في مديحه أو إطرائه أو ذكر محاسنه وأفعاله، إنما إنجازاته شاهدة له بكل وصف أنعته به بل لا أكون مبالغاً إذا قلت إني أجد نفسي عاجزاً عن نعته بما هو أهل له!
إذا أردت أن تعرف أثر شخص ترك منصبه فانظر بماذا نعته مجتمعه الوظيفي وبيئته الخارجية أبخير أم بشر؟
ومعالي الرئيس د. خالد أحسبه ممن قد حاز الثناء والذكر العطر إبان فترة رئاسته وحتى بعد مغادرته للجامعة بهنيات قصيرة لم تتجاوز الأيام القليلة!
عملت تحت رئاسته ما يقارب العشر سنوات فوجدت منه تذليل الصعاب وتقدير العامل وحفظ حقوقه، وجدت شخصاً يملك روح التواضع والتسامح وفي كل لقاء أستمع إليه أجده ينسب النجاح لزملائه وفريق العمل الذي يقوده بل كانت كلمته المعهودة (ما ترونه من نجاح لا ينسب لي شخصياً وإنما لزملائي الذين يعملون بدون كلل أو تعب).
يرحب بكل فكرة أو مقترح يدعم العمل بل ويتابعها ويؤازرها حتى يكتمل بدرها وتؤتي ثمارها، سعى بكل ما أوتي من قوة في تشييد المباني وتطويرها حتى استغنت الجامعة عن مبانيها المستأجرة في وقت وجيز، حازت الجامعة في عهده على الكثير من الإنجازات العلمية المحلية والدولية ولعلي أذكر بعضاً منها على عجالة:
1- حصلت الجامعة في عهده على الاعتماد الأكاديمي المؤسسي والذي يعزز من قدرتها التنافسية، ويعطيها قوة في مخرجاتها الوظيفية.
2- حازت الجامعة على شهادة الآيزو 9001 : 2008 من معهد المواصفات البريطاني BSI , ويعدُّ المعهد من أكثر هيئات التصديق التي تحظى بالأهمية والاحترام على المستوى الدولي بين المؤسسات المتوافقة.
3- حققت الجامعة المركز الأول على مستوى الجامعات السعودية في التحول للتعاملات الإلكترونية الحكومية وذلك ملاحظ ومشاهد لنا كعاملين في الجامعة من سلاسة في المعاملات وسرعة في التعاملات!
4- حصلت الجامعة على جائزة الشرق الأوسط الـ 22 لتميز الحوكمة والمدن الذكية, وذلك عن فئة تميز خدمات التعليم الذكية, والتي تُمنح إلى المؤسسات والهيئات التعليمية في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط من قِبل معهد جائزة الشرق الأوسط للتميز.
5- حصلت الجامعة على عضوية برنامج الأثر الأكاديمي للأمم المتحدة (UNAI)، حيث أصبحت الجامعة بهذه العضوية واحدة من أكثر من 1500 مؤسسة أكاديمية وبحثية في أكثر من 145 دولة أعضاء في هذا البرنامج، والذي يُقدم من شعبة الاتصال الجماهيري التابع لإدارة الاتصالات العالمية بالأمم المتحدة.
ما ذكرته آنفاً هو بعض من كل ونزر يسير من بحر عميق مليء بالإنجازات والتي دونت في سجل رئاسته ولو أن المجال يتسع لذكر تلكم المقامات لاحتجت كتاباً يحوي فصولاً ومفردات توضح كل منجز بتفاصيله ولكن حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق ومن السوار ما أحاط بالمعصم!
أعرف أن معالي الدكتور ليس بحاجة لشهادتي ولا لذكر محاسنه فغيري قد سبقني لذلك فأفادوا وأجادوا وأحسنوا وأعرف كذلك كما يعرف غيري أنه من الناس القلائل الذين يعملون بلا كلل ولا ملل ولم يبحث عن ملمع لعمله أو مبرز لنشاطه ولكن الأفعال كانت سابقة الأوان وشاهدة على أن هناك رجل مر على هذه الجامعة وهذا الأثر!
تلكم بعض من المكنونات والخواطر في سيرة رجل أعطى وبذل ويكفي المرء نبلاً أن تعد معائبه وفخراً أن تنشر فضائله بين الناس.
نعم سنفتقدك ونفتقد روحك الجميلة وعزيمتك المتقدة ولكن حسبنا أن لمثلكم شرف أن يُرى في منصب أعلى ومكان أسمى فقد نلتم ثناء الناس عليكم وتركتم خلفكم سيرة زاكية عطرة وهي من أجل المكاسب في هذه الحياة، وعزاؤنا في رحيله أن من تسنَّم القيادة من بعده قائد سيرته سابقة لقرار تعيينه الأستاذ الدكتور: صالح بن عبدالله المزعل، لديه من الخبرات المتعددة ما يجعل الفأل حسناً في إكمال ما رسمه سلفه من خطط وأهداف، فهو من أبدع في جامعة تبوك وحلق في سماء الإنجاز في جامعة جدة وغيرها من الجامعات التي شارك في تطويرها وتأسيسها في مكنون خبراتي عال سينعكس إيجاباً بإذن الله على جامعتنا الموقرة، فالأمل معقود عليه بعد الله في أن يكمل المسيرة ويحقق الأهداف المرسومة، سائلاً المولى أن يجزي معالي الدكتور خالد المقرن خير الجزاء إزاء ما قدم وأن يكتب له الأجر والمثوبة وأن يوفق ويسدد معالي الأستاذ الدكتور: صالح المزعل في قيادة هرم هذه الجامعة الفتية لتحقيق أهدافها المرسومة وتطلعاتها المأمولة.
** **
أستاذ الإدارة التربوية - المساعد بكلية التربية بجامعة المجمعة