رمضان جريدي العنزي
الجاهل المتكبر، مغرور أحمق، هامشي الأخلاق والسلوك، ما عنده ثبات، وقدراته واهنة، ليس واعياَ، ورأيه متذبذب، وفهمه ليس عميقا، يؤمن بنفسه، ولا يؤمن بسواه، ولا يقر بالمنافسة، يحسب نفسه دائماَ بأنه الأقدر والأجدر والمميز، والأصدق قولاَ، والأكثر عملا، يمشي بكبرياء، ويتحرك بعجب، ويتحدث باستعلاء، وينظر إلى الناس بفوقية وازدراء، يستهزىء بهم ويشوهههم ويقلل من مقدارهم، يجعل من فهمه مقياسا ونبراسا، ومن فهم غيره معيارا، وينصب نفسه مقيماَ، يضحك من كل رأي، ويستخف من كل قول، ويستهجن الرد والحوار، لا يرى إلا فعله، ولا يهتم إلا برأيه، يرى نفسه مرجعاَ للفهم والحس والإدراك، والحق والصواب، والحكمة والبصيرة، مسكون بالغرور، ومحكوم بالجهل، يبحث عن الصورة، ويتطلع إلى الحضور، والفلاش والبروز، يعيش الحلم، ويحيا السراب، ويبتغي الجوزاء، عقله صغير، وتفكيره محدود، يغش الناس ويوردهم إلى المهالك، يبحث عن المنافع والمكاسب، ولا يهمه من أجل ذلك إن خسر جميع الأشياء، جهله يقوده إلى العزلة، ويلغي من نفسه الحب والود والألفة، يظن نفسه بأنه الفائز والصائب، وأنه صاحب الحق، وصاحب الصواب، وأنه الناجح والفالح، وما علم بأنه مخدوع وتائه، وبأنه خاسر وليس رابحا، وأنه يعيش الحلم البعيد، والسراب الكبير، وأن جهله يزهر، لكنه لا يثمر، وأنه منفوخ بالغرور، ومسكون بالكبرياء، وأنه جمر من نار، أن الجهل والغرور، والتعالي والكبرياء، أعمال سيئة، وأخلاق مقيتة، لا يتصف بها العقلاء، ويهرب منها النبلاء، قال محمود سامى البارودى:
أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ
وَكلٌّ لهُ عندَ القياسِ معالمُ
فلولاَ وجودُ العلمِ ما عاشَ جاهلٌ
ولَوْلاَ وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عالِمُ