فدوى بنت سعد البواردي
لسنوات طويلة في حياتي، كنت أتناول الطعام بشكل عادي.. وكانت ثقافتي عن الطعام تنحصر في ضرورة التقليل من السكريات والدهون والمشروبات الغازية، وذلك لتفادي السمنة والمشكلات الصحية الأخرى، مثل أمراض السكر والكولسترول والقلب. فقط... هذا كان ما أعلمه وأكتفي به.
ولكن هل هذا كل شيء..؟ بالتأكيد هذا غير كاف.. ولكن لماذا لا يكفي..؟
من نقاط التحول الكبيرة لدي، كانت بعد إجرائي اختبار «عدم التحمل الغذائي» أو ما يعرف باختبار «البصمة الغذائية».. وهو اختبار يمتاز بالدقة والسرعة والنوعية، ويعتمد على أخذ عينة من الدم في أحد المختبرات الطبية المختصة، ثم تحليلها واستنتاج منها ما هي الأطعمة «الطبيعية» والتي تتفاعل جيدا داخل الجهاز الهضمي، وما هي الأطعمة «الحدية» والتي يجب أن لا أُكثر من تناولها، وما هي الأطعمة «مرتفعة التفاعلية» والتي تؤثر سلباً حين أتناولها.
واندهشت بشدة من نتيجة التحليل.
عدد الأطعمة «مرتفعة التفاعلية»، والتي تتسبب لي بالضرر، كانت 61 نوعاً من الطعام..! بينما الأطعمة «الحدية» كانت 14 نوعاً..!
لم أكن أعلم أن تناول شريحة من الخبز أو كوب من الحليب أو قليل من الذرة يؤذيني دون أن أشعر.. لم أكن أدرك أنه يجب علي تناول الخبز الخالي من الجلوتين، والحليب الخالي من اللاكتوز، وتجنب الذرة وبذور عباد الشمس ومشتقاتهم من الزيوت. بل لم أكن أدرك أن جميع أنواع الزيوت (وهي مهدرجة في الأسواق) مضرة لي باستثناء زيت الزيتون والنقي منه فقط.
إذن...ما تبقى..؟ هل هناك طعام أستطيع تناوله؟
وبدأت رحلة البحث عن الطعام الصحي في المطاعم، وجدت أن معظم الوجبات تُستخدم بها الزيوت المهدرجة، وذلك ليس موجوداً فقط في مطاعم الوجبات السريعة، بل يوجد أيضاً في أغلب مطاعم الوجبات الخفيفة بل والصحية منها.. وهدرجة الزيوت هي عملية يتم بها إضافة الهيدروجين من أجل تحويل الدهون السائلة الطبيعية الموجودة في النباتات والأطعمة المختلفة إلى دهون صلبة، وذلك لتمديد فترة صلاحية تلك المنتجات الغذائية ورفع نسبة المبيعات. وبالفعل، فإن وكالات الصحة العالمية تُحذر من الاستهلاك المفرط لهذا النوع من الدهون لشدة ضررها على جسم الإنسان، فهي تُسبب السمنة، واضطرابات الهضم، وارتفاع الكوليسترول، وفي كثير من الحالات تُسبب تصلب الشرايين وأمراض القلب.
ثم بحثت في متاجر المواد الاستهلاكية والأسواق المركزية، وجدت عقبات مشابهة خاصةً مع وجود الأطعمة المُعلبة والمخبوزات والمعجنات الجاهزة للاستخدام، وجميعها لها أضرار كبيرة بسبب المواد الحافظة والمهدرجة، كما سبق ذكره.
فما هو الحل..؟
قررت أن أقوم بإعداد قائمة من البدائل الغذائية الطبيعية والتي من الممكن لي تناولها، والتزمت بها قدر الاستطاعة، بدأت واستمريت منذ بضعة أسابيع، وحتى اليوم. أما عن النتيجة، فكانت انني وجدت فارقاً كبيراً، ليس فقط في نسبة تقليل الوزن، بل في صفاء الذهن أيضاً.
ولأن «العقل السليم في الجسم السليم»، يقول الله تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ) (سورة الأعراف 31).
وذلك لأن الإنسان يتكون من جسد وروح معاً، والطعام السليم يجعل الجسم معافى بعيداً عن الأمراض. وبالتالي، اذا اهتم الإنسان بجسده زان عقله، وسمت روحه بلا شك.
** **
- خبيرة تقنية وتخطيط إستراتيجي