إيمان حمود الشمري
سنتان من الغياب عن المدارس، هُجرت خلالها المقاعد الدراسية وخفت صوت الضجيج ولم يعد للجرس الصباحي أثر، واختبأ الطلاب للاحتماء من فايروس كورونا خلف شاشات تعطيهم العلم ولا تعطيهم القلم الذي كان بداية تعليم البشرية {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (سورة العلق: 4).
سنتان وطلابنا وطالباتنا افتقدوا مهارات التواصل المباشر الذي له دور كبير في صقل شخصياتهم وتنميتها، فالمشاركة بالفصل وحجز المقاعد والاختلاف والاتفاق والشراء من المقصف وتقاسم اللقمة وترقّب جرس الفسحة وجرس انتهاء اليوم المدرسي، كل ذلك مسيرة حياة طبيعية حرمهم منها الوباء، بل إن رؤية ملامح بعضهم البعض بالضحك والحزن والخجل والمشاغبة كلها مشاعر افتقدوها في التعليم عن بعد، ولا شك أن التعليم عن بعد وسيلة تعليمية هادفة أثبتت فعاليتها بظروف استثنائية طارئة ولكن لا يمكن اعتمادها كطريقة فعَّالة للتعليم باعتبارها وسيلة اتصال وانفصال في آن واحد، إذ لا يمكن أن يعيش الإنسان أياً كان بعالم افتراضي بعيداً عن أرض الواقع، حيث إن معركة الحياة الحقيقية لن يخوضها خلف الأجهزة وإنما في المواجهة، في الحياة، وفي ساحة المعركة نفسها، فالغد لهم والمستقبل لهم ونريد أن نصنع من هذا الجيل إنساناً لديه مهارات تؤهله لمواجهة الحياة بكل تقلباتها لا مجرد كائن مبرمج على كيفية استخدام لوحة المفاتيح.
فإلى اللقاح، وأهلاً بعودة التعليم عن قرب الذي يسير الآن وفق تعليمات مشددة والتي أحد أهم شروطها أخذ جرعتين من لقاح كورونا لعودة آمنة وفق إجراءات واحترازات تحفظ صحة الجميع، فالمدرسة ليست مجرد بيئة دراسية وإنما بيئة تعليمية تساهم في تكوين شخصية أبنائنا وبناتنا، لأن المستقبل ليس للتكنولوجيا وإنما للفرد الذي ابتكرها.