د.ولاء بنت صالح اللهيبي
إن اعتماد التعليم عن بُعد للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة قد يمثل فرصة تسهم في حل الكثير من العقبات، مثل صعوبة الوصول إلى المدرسة بسبب بعد المسافة خاصة في القرى والهجر، أو التنقل داخلها، أو عدم توفر التخصصات التي تتناسب مع حاجات الطالب الدراسية في بعض الأحيان، ومن ناحية أخرى فإنه تحدٍ قبلتْه وزارة التعليم في معركة مكافحة جائحة فيروس كورونا (19-COVID) وسخرت كل الإمكانيات المتاحة للخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار، وكانت مملكتنا الحبيبة من الدول القليلة التي تجاوزت هذه الأزمة بأقل فاقد تعليمي في التعليم العام بشكل عام وتعليم ذوي الاحتياجات بشكل خاص، وذلك من خلال إدارات التربية الخاصة المنتشرة في جميع المناطق التعلمية التي تسعى لتجويد الخدمات التعليمية والتدريبية والتأهيلية المقدمة لأبنائنا ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تزخر بكفاءات متميزة وبخبرة وتأهيل عالٍ يشمل جميع تخصصات العوق إضافه إلى القياس والتقييم والخدمات المساندة للتعليم.
ومنذ الوهلة الأولى التي أُقر فيها التعليم عن بعد لاحظنا أبطال التربية الخاصة يتجاوبون مع المتغيرات بكل مرونة ويشرعون في إعداد الخطط التدريسية الفردية المنبثقة من البرنامج التربوي الفردي ويساهمون في خطط الخدمات الأسرية الفردية مراعين في صياغة تلك الخطط العوائق التي قد تواجههم بالتعليم عن بعد مأخذين في الاعتبار خصائص أبنائهم وبناتهم الدارسين لكل الفئات، وشمل ذلك المناهج المطورة التي تم اعتمادها لتدريس ذوي الاحتياجات الخاصة، كما عملوا على تكييف ومؤامة مناهج التعليم العام للطلبة المدمجين بمدارس التعليم العام وفق أحدث المفاهيم المطبقة في التربية الخاصة بإشراف ومتابعة حثيثة من إدارات العموم بالوزارة. كما شمل ذلك المواد التي أعلنت الوزارة إضافتها للتدريس بداية من هذا العام الذي يختلف عن الأعوام السابقة بتطبيق النظام الثلثي للفصول الدراسية والذي سوف يستمر حتى نهاية شهر ذي القعدة للعام الحالي 1443هـ.
ومن الأوليات التي يتوجب علينا أن نلفت النظر إليها الدور الرئيسي للأسرة في نجاح واستمرار عمليه التعليم والوصول إلى نتائج إيجابية في التحصيل المعرفي (تحسين نواتج التعلم) لدى أبنائهم عن طريق التعليم عن بعد، فإذا كان تعليم الطفل العادي يتطلب من الأسرة مجهوداً كبيراً لمتابعة تحصيله الدراسي فإن ذوي الإعاقة بحاجة إلى أضعاف هذا المجهود، وهناك أمثلة مشرفة نفتخر بها من أولياء الأمور الذين دفعتهم إعاقة أبنائهم إلى الاطلاع والتوسع في البحث والدراسة لحالات أبنائهم حتى أصبحوا مرجعاً متخصصاً يقتدى بهم ولم يتوقفوا عند العناية بأبنائهم فحسب بل كانوا يسعون إلى مساعدة الحالات المشابهة بكل حب ووفاء لهذه الفئة.
وفي الجانب الآخر يوجد القليل من الحالات النادرة للأسر التي ما زالت حائرة لا تعلم من أين أو كيف تتعامل مع طفلها ذوي الاحتياجات الخاصة وخصوصاً حديثي التشخيص، فمثل هذه الأسر في أشد الحاجة إلى الدعم النفسي والتوجيه والإرشاد إلى ما تقدمه حكومتنا الرشيدة لهذه الفئة في كل وزاراتها، بداية من وزارة الصحة متمثلة بمراكز اضطرابات النمو والسلوك، مروراً بوزارة الموارد البشرية متمثلة في الشؤون الاجتماعية، ووزارة التعليم متمثلة بإدارات التربية الخاصة، وختاماً بالعديد من الجمعيات الخيرية المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم، وذلك وفقاً لسياسات التعليم ورؤية المملكة العربية السعودية (2030) التي تؤكد على حصول ذوي الاحتياجات الخاصة على تعليم يضمن استقلاليتهم واندماجهم بوصفهم عناصر فاعلة في المجتمع.
وسأطرح إليكم فيما يلي بعض الضروريات الواجب توفرها في البيئة المنزلية لزيادة كفاءة التعليم عن بعد بشكل عام ولتسهيل إدارة العودة إلى الدراسة مع مراعاة أن هذه التوصيات لطلاب المرحلة الابتدائية وتتغير باختلاف تشخيص وفئة الطالب:
1. سوف يلاحظ ولي الأمر أن هناك ردود أفعال نفسية مختلفة من قبل الطالب/ ـة كالعدوان وتهيج المزاج والارتباك وتشتت الانتباه وكثرة البكاء والتململ وغيرها من التغيرات النفسية، وعليه ألا يخاف أو يقلق لأنها سوف تكون موقتة تخف تدريجيًا بمرور الأيام والأسابيع الدراسية، خاصة في ظل وجود دعم أسري مناسب من قبل الوالدين والإخوة يعتمد على التشجيع والتعزيز لذوي الاحتياجات الخاصة.
2. على ولي الأمر تجنب العقوبات واللوم على الأخطاء المدرسية، وبدلاً من ذلك مكافأة أي تقدم يحرزه الطالب/ ـة.
3. تجاهل السلوكيات الخاطئة قدر الإمكان ما لم تشكل خطراً على الطالب/ ـة وأيضًا سن القوانين ووضع القواعد السلوكية الصحيحة والمناسبة.
4. وجود ولي الأمر أو من ينوب عنه (مقدم الرعاية المنزلية) برفقة الطالب طوال فترة الدرس وأن يكون قادرًا على تعزيز وترغيب الطالب عندما يلاحظ عدم التركيز أو عدم الاستجابة.
5. الجلوس المريح للطالب مع ضرورة التأكد من زاوية رؤية الشاشة ومستوى الصوت والضوء الذي يناسبه حسياً.
6. تجهيز مكان تلقي الدرس بمراعاة الخصائص الحركية للطالب بما يضمن سلامته، كما يفضل أن يكون مكانًا بعيدًا عن المثيرات الحسية التي تشتت انتباه الطالب، مثال (رائحة طبخ، أصوات الأجهزة الكهربائية، إضاءة متذبذبة، خشونة أو نعومة السجاد، أخ أو أخت تلعب بالجوار ...الخ).
7. تهيئة الطالب من الناحية البدنية والفسيولوجية، فيجب أن يكون قد أخذ القسط الكافي من النوم، وتناول الوجبة المخصصة له، وذهب لدورة المياه قبل بدء الحصص الدراسية.
8. على ولي الأمر مناقشة الخطة التربوية الفردية للطالب/ ـة مع معلم/ ـة التربية الخاصة لتوضيح نقاط القوة والاحتياج للطالب، ولمناقشة الأهداف المرجوة من الخطة، وترتيب الأهداف وفقًا للأولويات ولحاجات الطالب/ ـة، واستعراض الصعوبات التي قد تواجهه أو تواجه ابنه للخروج بحلول مناسبة.
9. الحرص على وجود قناة للتواصل المباشر بين ولي الأمر وكل من المعلم، والموجه الطلابي والأخصائي النفسي، وغيرهم من أعضاء الفريق للبرنامج التربوي الفردي.
10. الرجوع للدليل الإجرائي للإرشاد الطلابي للإرشاد عن بعد file:///C:/Users/Prof.%20Mohammed/Downloads/4-5893452624904063088%20(1).pdf
11. التواصل مع المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية في حالة وجدت صعوبة في تكيف الطالب/ ـة مع العودة للدراسة. http://ncmh.org.sa/index.php/pages/home.
كما أود الإشارة إلى أنه تم اختيار هذه الاشتراطات بكل عناية لكي يسهل توفيرها دون الإثقال على الأسرة بطلبات تقنية وتجهيزات عالية الكلفة قد يتعذر توفيرها.
وفي الختام أسال الله العلي العظيم ان يوفق أبناءنا وبناتنا في هذا العام الدراسي وأن يجعله عاماً مشرقاً بالنجاح والتوفيق، وأن يبارك في جهود حكومتنا الرشيدة التي أولت جل اهتمامها بهذه الفئات الغالية على قلوبنا.
** **
معلمة تربية خاصة (مكة المكرمة) - دكتوراه علم نفس توجيه وإرشاد تربوي