د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي في الصين نحو 5.5 تريليون دولار، يمثل نحو 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، بمعدل ثلاثة أضعاف الاقتصاد الصناعي التقليدي، وهناك خلط بين الاقتصاد الرقمي والإنترنت، فيما الاقتصاد الرقمي أوسع نطاقًا، وأكثر إنتاجية، إذ يعتمد الاقتصاد الرقمي على البنية التحتية الرقمية والتحول الرقمي للتصنيع التقليدي، ما يجعل الاقتصاد الرقمي في الدول المتقدمة سيتجاوز 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
وتعتبر تايوان مخلب قط أمريكي في مواجهة التكنولوجيا الصينية، حيث يميز تايوان تمتعها بنظام بيئي تكنولوجي نجحت تايوان في تشييده على مدار عقود بدعم من الجامعات والمراكز البحثية التي تعني بالتكنولوجيا والبنية التحتية لشبكات الإنترنت، حتى أصبحت تايوان نقطة جذب للشركات العاملة في مجال التكنولوجيا عامة والذكاء الاصطناعي على وجه التحديد، حتى أصبحت تايوان قبلة صناعات الذكاء الاصطناعي في آسيا، والتي عملت على إنشاء مجموعة من الروباتات لتقدم مساحات ومنصات مشتركة للشركات الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى أصبحت تايوان رائدة في مجال صناعة أشباه الموصلات وشرائح الحاسوب، وتلك جوانب حاسمة في تطوير الذكاء الاصطناعي، حتى أطلق على تايوان وادي السيلكون الآسيوي.
وتود المملكة أن تكون تايون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فأطلقت في 25 أغسطس 2021 حزمة من المبادرات النوعية والبرامج التقنية بقيمة إجمالية تناهز أربعة مليارات ريال بالتعاون مع عشرة من أهم عمالقة التكنولوجيا في العالم تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 في اغتنام فرص الاقتصاد الرقمي لتحقيق التحول الاقتصادي الذي تمر به السعودية.
وتهدف المملكة إلى تحويل مكانة السعودية كمركز تقني إقليمي لأهم الرياديين والمبتكرين والمبرمجين من المنطقة والعالم، كما تأتي تتويجًا للشراكة المميزة بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز.
وعززت المملكة هذا التوجه بصناعة رقائق ذكية بأيد وعقول سعودية في تطبيقات عسكرية وتجارية ومدنية، وتتميز هذه الرقائق المصنعة سعوديًا من أن لديها قوة معالجة تبلغ أكثر من 60 ألف ضعف، مما يمكن السعودية من توقيع اتفاقيات عالمية بهدف أن تصبح السعودية أحد أهم المراكز التقنية في العالم، وكانت البداية بدعم سوق التقنية بأكثر من 20 منتجًا وبدعم الرياديين في المراحل الأولى والمراحل المتقدمة، وتأسيس 400 شركة ناشئة قادرة على تحقيق استثمارات بقيمة 800 مليار ريال، بجانب تقديم ضمانات للشركات المتوسطة والصغيرة العاملة في المجال التقني بحد أعلى يصل إلى 90 في المائة من قيمة التمويل بما يصل إلى 15 مليون ريال، لمساعدة تلك الشركات في تنفيذ مشاريعها وتغطية خطط التوسع، من خلال صندوق Launch وهو صندوق مشترك بين السعودية والصين والذي يسعى لدعم الشركات التقنية الناشئة في السعودية.
ووضعت الدولة مبادرات ثلاث رئيسية هي طويق، همة، قمة، تهدف في مجملها إلى رفع القدرات الرقمية للشباب في مجال البرمجة، وأطلق الاتحاد السعودي للأمن السيراني والبرمجة والدرونز ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، أضخم مبادرتين تقنيتين تتمثلان في مبادرة معسكر طويق 1000 المنهي بالتوظيف، ومبادرة مهارات المستقبل اللتين ستقامان في مناطق السعودية من خلال 40 معسكرًا تدريبيًا بأربعة مسارات هي الأمن السيبراني، البرمجة، الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، وصناعة الألعاب الإلكترونية، بجانب تبني السعودية احتضان أضخم حدث تقني عالمي والأول من نوعه في المنطقة العام القادم لقمة RiseUP بجانب أيضًا استضافة مؤتمر Hack@ العالمي الضخم في مجال الأمن السيبراني ضمن فعاليات موسم الرياض بشراكة بين الهيئة العامة للترفيه والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز للتصدي للمخاطر السيبرانية حول العالم.
يعاني العالم اليوم من أزمة أشباه الموصلات التي تقوض الصناعة العالمية وتشمل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية، والسيارات أول الضحايا، وتسعى أوروبا لضمان سيادتها التكنولوجية بوجه الصين والولايات المتحدة، ما يجعل المملكة تسابق الزمن لضمان الحصول على مقعد تقني في الاقتصاد الرقمي في المستقبل لتعزيز التحول الاقتصادي الذي تمر به وفق رؤية المملكة 2030.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة