عمر إبراهيم الرشيد
توصف كرة القدم بأنها لعبة الفقراء، وذلك حتى قدوم عهد الاحتراف ودخول الشركات التجارية ثم جشع الجهات المنظمة دولياً وعلى رأسها اتحاد اللعبة الدولي (فيفا) وباقي الاتحادات القارية، حتى استشرت المادية وصولاً للأندية على مستوى العالم، ولا يخفى عليكم قضايا الفساد التي انبعثت روائحها خارج حدود الفيفا وبعض الاتحادات القارية كذلك خلال فترات زمنية ماضية. إذاً فقد أصبحت اللعبة قطاعاً اقتصادياً يدار بمئات المليارات على أقل تقدير، وهذا أمر له منافعه التي لا تنكر سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى من يمارسون اللعبة من لاعبين ومدربين وفنيين، ومعهم أسرهم ومجتمعاتهم المباشرة، إنما لكل افراط مساوئه والطغيان المادي لا يدخل ميداناً إلا أفسده، إن لم تكن هناك أخلاقيات ومواثيق تلجم هذا السعار المادي الذي بقدر ما نفع فئات محددة دون غيرها، بقدر ما أفرز ظواهر كروية سلبية لم تكن متفشية في السابق.
ونعلم جميعاً أن كرة القدم المحلية كمنتخب وكأندية حققت كؤوساً وإنجازات دولية وقارية قبل فترة الاحتراف، والمشاركة المتميزة في كأس العالم 94، واحراز كؤوس آسيا لثلاث مرات أمثلة على ذلك.
في الدوري الكروي السعودي لهذا العام الذي بدأ لتوه، تفاجأت كما الكثيرين غيري بعدم بث المباريات على القنوات الرياضية التابعة للتلفزيون السعودي، حتى يتسنى للجميع متابعة مباريات دوري الأمير محمد بن سلمان والحصول على ترفيه منزلي مجاني كحق دأب التلفزيون السعودي على امتداد عقود من الزمن على تقديمه للمجتمع السعودي. وحتى كتابة مقالي هذا، لم يتم التأكيد على تشفير بث المباريات في رحلة لاحقة وأرجو ألا يتم ذلك، فأقول إنه طالما قدمت ولا تزال تقدم حكومة خادم الحرمين أيدها الله هذا الدعم السخي للأندية والرياضة السعودية بشكل عام، تحقيقاً لأهداف رؤية 2030 ومنها جعل القطاع الرياضي والرياضة وممارستها حقاً للجميع لتكوين مجتمع حيوي وصحي، فما هو المكسب لاتحاد الكرة من تشفير نقل المباريات، إذا تقرر أن يكون بث المباريات حصرياً ومشفراً مقارنة بالمكسب الاجتماعي والترفيهي والرياضي لجميع فئات المجتمع من خلال بثها عبر القنوات الرياضية السعودية التي أصبحت حالياً مجرد قنوات تعيد عرض مباريات الموسم الماضي بأقل نسبة مشاهدة، وهي التي كانت على العكس تحظى بنسب مشاهدة عالية محلياً وعربياً مما مكنها من تحقيق مكاسب معنوية ومادية من خلال الإعلانات التجارية المصاحبة لبث مباريات دوري الأمير محمد بن سلمان. أتساءل عن المكسب وأذكر مرة أخرى بالدعم الحكومي السخي الذي يغني اتحاد الكرة السعودي عن تشفير البث وحصره في قناة أخرى بديلة للقنوات الرياضية التابعة للتلفزيون السعودي. أما على مستوى الكرة والرياضة بشكل عام وان كانت الرياضة والكرة العالمية قد لوثتها المادة ونحن جزء من هذا العالم وبشر نخطئ ونصيب على كل حال، فلنتذكر لاعبين وإداريين وجمهور وإعلاميين، بأن لدينا قيماً إسلامية وعربية وفي وطن الخير هذا بقيادته وشعبه، وبأن الرياضة إنما هي ترويض للنفس من شرورها وشرودها عن جادة الأخلاق، وبأن الكسب من الكرة وجعلها قطاعاً اجتماعياً واقتصادياً منتجاً وترفيهاص نظيفاً لا يتعارض مع تلك القيم وإنما يتسق معها بلا إفراط ولا تفريط، إلى اللقاء.