صيغة الشمري
تابعت قبل أيام فعاليات ملتقى الأدباء الذي أقيم في سودة عسير بتنظيم من هيئة الأدب والنشر والترجمة، سررت جداً بما أعلنه رئيسها الدكتور محمد حسن علوان عن فعاليات ثقافية كبرى منها ملتقى الترجمة ومؤتمر الفلسفة الدولي ومهرجان الأدب ومؤتمر الناشرين الدوليين، وهي فعاليات تم اختيارها بعناية، تدل على أن هيئة الأدب تعمل لتحقيق حراك حقيقي لصناعة أثر مجتمعي فاعل، لاسيما وأن من يقودها يدرك -كأديب- كل ما يحتاجه الأدب والأديب ليصبح نسيجا مهما من نسيج المجتمع، يمكننا القول بأنه لا يجب النظر لما قدمه هذا الملتقى الجميل بعين الناقد كون ما حدث هو خطوة أولى من عمل الهيئة من أجل الأدب والنشر والترجمة، ومهما كان هناك من ملاحظات فهذا لن ينقص من جمال هذه الفعالية وهذا الملتقى الذي يهفو قلب كل مثقف أن يستمتع بحضوره أو متابعته إذ ليس هناك أجمل من الفعاليات الثقافية في جميع بلدان العالم، تكمن ملاحظاتي على هذا الملتقى الجميل في عدم حرصه على الدعاية له والتعامل معه كحدث مهم لا يجب أن يمر مرور الكرام، وبهذه المناسبة أتمنى من الدكتور علوان أن يلاحظ عدم اكتراث الأدباء بتقديم أنفسهم للإعلام كنجوم من نجوم المجتمع، وعليه أن يحاول أن يخرجهم من التقوقع في كهوف النخبوية التي حرمتنا من وجودهم ضمن المشهد المجتمعي والتي أدت إلى أن يتركوا مقاعدهم خالية ليملأها نجوم أقل منهم أحقية بذلك، كما تمنيت أن لا ينسى الدكتور علوان أهم ما يجب أن تهتم به مع الأديب والناشر والمترجم والمستثمر والقطاع غير الربحي، وهو الإعلامي أو الصحفي المتخصص بالمحتوى الأدبي، إذ إن أشد ما يعانيه الأدب - من وجهة نظري- هو غياب الصحفي المتخصص، وهذا مما تسبب في ضعف صفحات الثقافة والأدب في الصحف والمنصات الإعلامية الأخرى، يجب فهم أن صحافة الأدب هي شيء يختلف تماما عن الأدب، لذلك تم تقديم المحتوى الأدبي طوال عشرات السنين كمادة صحفية جافة ليس بها من الصحافة سوى اجتهادات ضعيفة جداً، لذلك أقترح تأسيس قسم متخصص بالإعلام الأدبي تحت مظلة هيئة الأدب، ورغم ملاحظاتي أو ملاحظات غيري إلا أني أكرر بأن هذا الجهد يجب الاحتفاء به وعدم محاصرته بالانتقاد، كما أتمنى أن يتقبل الدكتور علوان ملاحظاتنا بصدر رحب كما عرف عنه كمثقف حقيقي، لفت نظري في جلسة الملتقى الأولى تصريح للدكتور سعيد السريحي يطالب فيه بعدم الاحتفاء بالأديب، استغربت هذا الكلام من مفكر فرض احترامه علىجميع محبي الأدب وليس ممن انجرف متأثراً بفوضى الإعلام الجديد وهو من القلة الذين حافظوا على اتزانهم كأدباء ومفكرين لا يبحثون عن هالات ضوء زائفة، الاحتفاء بالأديب هو احتفاء بالأدب وتأكيد على أهميته وضرورته للأجيال التي تشكل عموداً مهماً من أعمدة المجتمع، غرابة تصريح الدكتور السريحي قد يكون سببها عدم استماعي للندوة كاملة واكتفائي بما نقلته بعض وسائل الإعلام المهتمة في نقل هذا الملتقى الجميل والمثري، إن تأسيس هيئة الأدب هو خطوة أولى للاحتفاء بالأديب وعلينا أن نستمر بالاحتفاء بالأديب والمفكر والفيلسوف والناشر لأنه الاحتفاء الأكثر فائدة لمجتمعنا، الاحتفاء بالمفكر والأديب من مؤشرات نهضة أي أمة.