ما أقسى الشعور، عندما تشعر بأنك بمفردك أمام وجه الحياة التعس!
لا تجد أحداً بجانبك غير الفراغ الذي تتهاوى روحك في عتمته.
تصبح أشبه بروح تحتضر، خالية من دفء المشاعر، لا تعرف كيف تتألم أو تقاوم أو تفرح؟
الشعور البارد من أصعب المشاعر التي تكتنف الإنسان، فتحت وطأته يتحول المرء إلى شخص يعاني ويعبث به القلق والتفكير الدائم بالهرب من هذا البرود المقيت.
هناك من يسحبك إلى هوة مظلمة، لا ترى في داخلها إلا الشتات والغبار اللذين يطبقان على أنفاسك.
جلُّ مصائب الفرد تكون من دخيلته، وخصوصاً عندما يضطرب إحساسه وشعوره، وتتيه أفكاره، ولا يجد من يبادله همَّ المعرفة، أو يحاول أن يعينه على الخروج من هذه الدوامة التي علق فيها...
تزداد غربته بعدم فهم ما حوله، وتملؤه الأحجيات التي تتراكم في عقله، ويحاول جاهداً البحث عن شيء يولج النور إلى داخله لينعم بالطمأنينة والاتزان.
يقضي عمره في البحث عمن يرمم كسر قلبه، ويحول خيباته إلى انتصارات.
يتعب في المضي في إنقاذ نفسه من الصراعات الداخلية التي تملؤه وتحدث اضطراباً باعثاً إلى هم وألم لا يزولان.
تتيه الأقدام، وتتعثر خطواتها إذا استمر العقل غير قادر على احتواء أزمة المشاعر، وربما يدخل في نفق مظلم، يتمادى في السير فيه حتى يصل إلى حتفه!
ينذرك الزمان والمكان وبعض الأحداث بأن كُلَّ شيء ليس على ما يرام، مهما كانت الحياة تسير بشكل متوازٍ وعلى وتيرة واحدة.
وتظل النفس يختبئ داخلها كثير من التناقض والصراعات التي لا تجد لها تفسيراً محدداً.
الناس لاهثون خلف هوس ذاتي يشعرك بفظاعة القبح الذي يملأ بعض العقول... يهرب من مشكلاته الداخلية إلى تحقيق نجاح مؤقت، مثل سلطة أو ظهور يثير الاهتمام العابر، في ظنه أنه يعيد التوازن إلى نفسه فتلمع ذاته! وكيف يمكن لذلك التوهج العابر أن يصبح سوى تزلف ممقوت لمحاولة معالجة نفس مسحوقة هاربة من جحيم لا يُطاق؟
من المهم أن نؤمن بالطب النفسي، ومحاولة الحديث عن كل ما يجول داخل النفس، كي لا تتفاقم الأمور ويفلت كل شيء من أيدينا، ويتحول الشيء الذي كنا نعانيه في نهاية الأمر إلى عقدة لا تحل ومرض قاتل يهلك الروح ويضعف العقل.
على الإنسان أن يعي تماماً ذاته، وألا يهرب من الصراعات التي تنشأ داخله. المواجهة ومحاولة إيجاد الحلول أفضل وأجدى من التغافل والمكابرة.