إبراهيم بن سعد الماجد
ما أجمل أن تقضي إجازتك بين أهلك، وفي وطنك، وما أجمل أن تلتقي بأهل أي منطقة تزورها، تدخل بيوتهم، وتستأنس بحديثهم، وتسمع قصصهم، وتبادلهم المودة والمحبة الصادقة غير المزيفة.
إذا عدت من إجازتك برصيد من الأصدقاء، وكثير من المعلومات، فأنت بلا شك من أكثر الناس سعادة، وأكثرهم ثراء، كما في مثلنا السائر (معرفة الرجال تجارة) خبرة الحياة، وجربت العلاقات، ونلت من الترحال ما أحسبه منحني شيئاً من المعرفة، فتأكد لي بأن أجمل العلاقات، وأدومها، هي تلك العلاقات التي لم تبن على أي مصلحة مادية أو معنوية، كسبت أصدقاء أوفياء، وتخلصت من آخرين مزيفين طوال سنين عمري فالله الحمد على هذه وتلك.
في سياحتي الميسرة لعسير الخير والنماء والعطاء، لم يكن الجو الغاية في الجمال هو فقط الذي منحني ومرافقي الكثير من البهجة والسرور والسعادة، ولكن لهؤلاء الأصدقاء، سواء منهم القدماء أو من كسبتهم في هذه الرحالة دور كبير ومؤثر في جمال إقامتنا وكمال بهجتنا.
إن كان في حائل حاتم، ففي عسير (حواتم) بسخاء أيديهم، وسخاء أنفسهم، فما تجدهم إلا مرحبين، متهللين، هاشين، باشين.
وكأنهم القائل:
أنفِقْ ولا تخشَ إِقلالا فقد قُسمت
بينَ العبادِ مع الآجالَ أرزا قُ
لا ينفعُ البخلُ مع د نيا مولية
ولا يضرُ مع الإقبالِ إِنفاقُ
قلت لصديق وهو يعتذر عن (تقصيره) فيما أفاض من جود، لم يره جوداً يفي بما يحمله تجاهي من مودة ومحبة وتقدير، الصمت أبلغ من الكلام! فقد تجاوزت الحد سخاءً بطلاقة وجه، وعذوبة لسان، وكرم يد!
كلُّ سَمْحِ الكفِ لو تسألهُ
كلَّ ما يملكُ جوداً وَهَبا
فلا الجودُ يفني المالَ قبل فنائهِ
ولا البخلُ في مالِ الشحيحِ يزيدُ
فلا تلتمسْ مالا بعيش مقتر
لكلِّ غد رزقٌ يعودُ جديدُ
عسير، التي لأميرها النشط تركي بن طلال لمساته التي بدأت تظهر لزائر المنطقة، ففي كل مكان مشاريع تؤذن بأن الهمة عالية، في جعل هذه الوجهة السياحية السعودية الخليجية، ستكون عما قريب، وجهة سياحية عربية عالمية.
دعوتي للأصدقاء في أبها حددتها بالشتاء، حيث تكون نجد ولا كل الدنيا كما وصفها الأمير محمد الأحمد السديري -رحمه الله- بقوله:
أعشق ليالي نجد لو انها ادماس
وايامها عندي جنان سعيدة
شمي لعشب رياضها يقعد الراس
وما فات من ساعات عمري يعيده
شوف الزهر يبعد عنا كل هوجاس
ويريح عن قلب الشقا ما يكيده
وحس الرعد في رايح المزن رجاس
دقات عود عند سمعي فريدة
حفظ الله وطننا من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه، وحفظ له قادته، وسددهم لكل خير، وأدام علينا هذه اللحمة والأخوة والترابط.