وفاء سعيد الأحمري
غنى الفنان السعودي عبدالمجيد عبدالله «عالم موازي»، وأطلق على ألبومة الجديد «عالم موازي». ولأن نظرية العوالم الموازية معقدة ولها العديد من النظريات والشروحات والتفسيرات العلمية، رأيت أن أسمي الألبوم لوحده، هو نقلة في الوعي العام الجمعي، وعند اطلاعي على كلمات أغنية العالم الموازي فيها تفسير لجزء من النظرية العلمية. حكمة من الشاعر طرح هذه الفلسفة في كلمات أغنية، وشجاعة من المطرب أن غناها وسمى الألبوم كاملاً بفلسفه علمية شائكة ومعقدة. من نص كلمات أغنية «عالم موازي» - لا زاد شوقي.. وحاولت أقاوم ما قدرت.. لعالم موازي... لهذا العالم أهرب وألتقيك - في العالم الموازي - الشاعر هنا يلتقي بنسخته الأقوى التي تستطيع أن تعبر عن الحب بصراحة، وفي ذلك العالم الموازي يلتقي أيضًا بنسخة حبيبته التي هي في ذلك الكون الموازي تلتقيه بينما هما في هذا العالم قصتهم مختلفة.
يعود ظهور فكرة الأكوان المتوازية للعام 1954 حين حاول أحد الفيزيائيين ويدعى أفيريت حل معادلات نظرية الكم. وبعدها ظهرت بشكل أوسع عام 1900 مع عالم الفيزياء الألماني ماسك بلانك الفائز بجائزة نوبل للفيزياء عام 1918م. غالبًا ترتبط هذه النظرية أيضًا بنظرية الأوتار وفيزياء الكم وفضاء الاحتمالات ونظرية الانفجار العظيم. وأيضًا من أواخر اكتشافات عالم الفيزياء الإنجليزي المشهور ستيفن هوكنج والتي نشرت بعد موته في عام 2018 تدور حول مسألة الأكوان المتعددة، وأثبت فيها أن عدد الأكوان ليس لانهائيًا كما كان يعتقد بل هو رقم محدود.
بشكل مبسط تفسر هذه النظري بأننا قد نعيش واحدة فقط من عدد لا حصر له من الأرواح المحتملة في عدد من الأكوان المتعددة، وأنه في كل عالم يوجد أنت تصبح فيه نتيجة كمية مختلفة حقيقة عن ما تعيشه أنت الآن. فقد يكون مثلاً الفنان عبدالمجيد في عالمنا مطربًا وفي عالم موازٍ آخر هو عالم فيزياء وباحث.
وفي التراث الإسلامي هناك ما يدعم هذه النظرية، على سبيل المثال في الأثر قصة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -حبر هذه الأمة- أنه ارتبك عندما سأله سائل في تفسير الآية 12 من سورة الطلاق، وتفاصيل هذه الحادثة كما يلي: «عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) سورة الطلاق آية 12، مَا هُوَ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى إِذَا وَقَفَ النَّاسُ, قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُجِيبَنِي؟، قَالَ: «وَمَا يُؤْمِنُكَ أَنْ لَوْ أَخْبَرْتُكَ أَنْ تَكْفُرَ؟»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: «سَمَاءٌ تَحْتَ أَرْضٍ وَأَرْضٌ فَوْقَ سَمَاءٍ مَطْوِيَّاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ يَدُورُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ كَمَا يَدُورُ بِهَذَا الكِرْدَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الْغَزْلُ» [تتمته إلى] «سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى» (وقال البيهقي عقبه: إسناد هذا صحيح عن ابن عباس). هناك توقعات بأن تفسير هذه الآية يعني بأن الله تعالى خلق من كل إنسان، إنسانًا آخر مثله ولكن في كون آخر، أو كما تسمى هذه النظرية في الإنجليزية بالمصطلح -parallel universes - وتعني عوالم متوازية.
لنقل تجربة العوالم المتعددة كما هو منصوص عليها في الفيزياء إلى واقع الحياة الشخصية أنصح بالاطلاع على كتاب فريدريك داودسون مؤلف كتاب العوالم المتوازية للذات ينقلك بتطبيقات عملية لصناعة واقعك الذي تريد بما يتناسب مع عالمك وما تؤمن به.
ونحن هنا نسأل الفنان الراقي عبدالمجيد، لا أعلم لكن إذا التقيت نسختك الأخرى في البعد الآخر أخبرنا عن التجربة، وشكرًا لطرح اسم الألبوم بهذه القوة لنقل جزء من هذه الفلسفة في الوعي العام الجمعي.