م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - ارتبط البطء بالتركيز، والتذكر، والهدوء، والجودة، والدقة، والعمق، كما ارتبط بالملل.. وارتبطت السرعة بالنسيان، والطيش، وعدم النضج، والتهور، والسطحية، كما ارتبطت بالتجديد.
2 - النفس مولعة بحب العاجل.. لذا فالسرعة في كل شيء من الفطرة حتى لو كان نتيجة ذلك عدم الجودة أو حتى الموت كما يحصل في سباقات السيارات.. أما البطء والأناة فهما نتيجة الحكمة والخبرة.. لذلك ارتبطت السرعة بالشباب وارتبط البطء بالكهول وكبار السن.
3 - السرعة خطرة والبطء ممل.. السرعة تؤدي للتشتت وفقد التركيز بينما البطء يؤدي إلى التركيز وتجويد العمل.. وإن وافقت السرعة هوى النفس إلا أن من الحكمة دائماً عدم الاستجابة لهوى النفس والانتباه للعقل والحكمة المرتبطين بالأناة والصبر.
4 - العمل السريع نتيجته وقتية.. والطبخة السريعة نتيجتها عدم اكتمال النضج.. والتفكير السريع نتيجته السطحية.. بينما العمل البطيء نتيجته مستقرة دائمة.. والطبخة البطيئة نتيجتها النضج الحتمي.. والتفكير البطيء نتيجته العمق والإحاطة بكل التفاصيل.
5 - كراهية عموم الناس للبطء وحبها للسرعة نابعة من قربها للفطرة البدائية.. الفطرة الطفولية البعيدة عن الحكمة والعقل السوي.. من هنا فالناس تنطلق في أحكامها على ما تراه على السطح ولا تبحث في العمق وتحتفي بالقشور.
6 - فطرة الإنسان بحب العاجل السريع تجعله يجيب السؤال بلا تروٍ، ويردد القول بلا تفكير، وينفعل ويقرر تحت وطأة ردة الفعل بلا حساب، ويصيب نفسه بالضرر نتيجة ذلك.. من هنا ارتبطت السرعة بالعجلة وارتبطت العجلة بالندامة.
7 - يقولون في تبرير العجلة: نحن في عصر السرعة.. وأنه في الأزمنة الغابرة كان الأقوى يأكل الأضعف أما اليوم فإن الأسرع يتجاوز الأبطأ.. ثم تحول قياس كل شيء إلى أسرع وأبطأ.. ففي الطعام هناك وجبات سريعة وأخرى بطيئة.. وفي الرسائل هناك رسائل سريعة وأخرى بطيئة.. حتى في العلاقات صارت هناك علاقات سريعة وأخرى بطيئة.. والغريب أنهم يعترفون أن تلك التي تتسم بالسرعة هي مؤقتة غير مفيدة بل إن المداومة عليها ضار وإن الأفضلية للأبطأ.
8 - السرعة في زمننا هذا اجتاحت كل شيء بما في ذلك الحب.. هذا الشعور الذي يجب أن يحدث ببطء ويتحرك ببطء ويستقر ببطء ويتمكن من الفؤاد ببطء.. هذا الشعور جعلوه معلباً سريعاً وحولوه إلى وسيلة بينما هو في الأصل غاية.. جعلوه حالة إشباع بينما هو في حقيقته جوع ولهفة وشوق.
9 - في زمن السرعة لم تعد المنافسة على الكيف بل على الكم.. ولم تعد المنافسة مع الآخر بل مع الزمن.. ولم تعد المنافسة للإنجاز بل للوصول أولاً.. ولم تعد المنافسة في كسب الرضا بل في كسب السبق.
10 - البطء قرين التمهل الذي هو أساس التأمل والتدبر واستجلاب الحكمة.. بينما السرعة قرينة العجلة التي هي أساس الندامة وعَدَّها الحكماء من عمل الشيطان.