إيمان حمود الشمري
كنتِ وما زلتِ امرأة جميلة بلا حظ، يشيح عنها الرجال رغم كفاءتها ويتجهون لما دون مستواك لأن الذي يطعنك بالظهر ويسيء لسمعتك هو من صلبك وليس غريباً لذا أنت تشيخين قبل أوانك.
أكان مكتوبٌ عليك أن يحكمك زمرة من قطاع الطرق، يسلبونك كل ما تملكين ويلقون بك على قارعة الطريق بلا مأوى ولا دواء ولا غذاء في عتمة شوارع مقطوعة عنها الكهرباء!! أكان مكتوب عليك أن تشتهي الخبز في يد الغير وأنت التي علمتنا كيف نصنع المناقيش بالزعتر والكشك والصفيحة! وتجلسين الآن عارية فوق صفيح ساخن تحترقين على مرئى من حكومتك دون أن تهتز لهم شعرة؟ أكان يجب أن تهتزي في المراقص كي تثيري التعاطف لأن العري لا يلفتهم سوى في تلك الأماكن؟!
كل المنجمين الذين مررت عليهم لم يستطيعوا التنبؤ بحجم المأساة التي تعيشينها حالياً، إذ لم يحدث أن قال لك أحدهم منذ نعومة أظفارك أن الحرب عليك «هو المكتوب»! كلهم كذبوا ولو صدقوا، وليسوا وحدهم كاذبين فحتى الذين تحكموا بمصيرك وضربوا لك الوعود كاذبين، ولكن كذبهم أكثر قوة وتأثيراً من صدقك، فمن سيستمع لك وأنت تصرخين في الشوارع (كلن يعني كلن)؟.
يا رائحة الذكريات ونبع الصفا وصخرة الروشة وحديقة الصنايع وبيت جدي القديم في بحمدون كيف صار طعم كل تلك الذكريات (طعم نار ودخان)، أكان مكتوب عليك أن يبقى مجدك من رماد وأن تطفئي قنديلك إلى الأبد! أكانت وقتها تغني فيروز لك أم تقرأ الطالع؟.
(قتلوك يا بيروت... أي سُلطةٍ عربية تلك التي تغتال أصوات البلابل)! فحتى الألوان لديك تعاني من حمى التطرف، فالأزرق والبرتقالي والأصفر ليست مجرد ألوان عادية، إنما أيضاً تشكل انتماءات لتيارات وأحزاب سياسية، والرمادي «شنق حالو»..!
أنت التي تصدّرين الجمال أعجزت عن معالجة جراحك التي تعلو وجهك لتبقى كندوب تشوهك وتستوقف كل من يفكر في زيارتك؟ أنت التي قتلت العصر (الحريري) ليتركك ويذهب إلى (الرفيق) الأعلى وتفشلين للمرة الألف في استعادة سمعتك رغم أنك بلد يمتلك مهارات استثنائية في كل شيء!.
أبكيك يا بيروت، وأبكي شعبك وخيراتك وأشجار أرزك، أبكيك ولا أستطيع أن أقاوم حماس أنغامك وهي تردد: «راجع راجع يتعمر راجع لبنان».