محمد ناصر الأسمري
عندما رثي الأستاذ خالد المالك الصحفي رئيس هيئة الصحافيين رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الراحل الكبير محمد أحمد الشدي وابانة أبي بشار عن عمله مع الراحل محرراً فذلك شيمة وقيمة من وفي لوفي.
أفتقد محمد الشدي معلماً وعلماً عملت معه في مجلة اليمامة في بداياتي الصحفية وأنا طالب في المرحلة المتوسطة، وكنت محظياً أن تدربت ووعيت مسارب ومسالك العمل الصحفي. كان للراحل الكبير مقولة عجيبة، كلما وجد متعجلاً في الرأي: دعه ينطلق، إما أن يصدم جداراً أو يعود للجادة. وهذه لعمري نظرة كاملة الوعي بعودة المستعجل مع الزلل لصف العقلانية.
كان رحمه الله يقابل كل مستعجل بابتسامة عريضة وربما ضحكة أكثر رقة لبقاء الود لا الجفاء.
رحمه الله يحاول جاهداً ألا يغضب مسئولاً لم يرض عن نشر في اليمامة، وفي الوقت نفسه يقف مدافعاً عن الصحفي ليحمل ما نشر على المحمل الحسن والظن الحسن. في مجلة اليمامة برز كتبة وشعراء ونقاد للشأن الاجتماعي على وجه الخصوص أثروا الساحة الصحفية من بدايات الثمانيات الهجرية فكانوا بناة لبوادر وعي وطني مستلهمين من سبقهم من الرواد في الصحافة أمثال أحمد السباعي وحمد الجاسر وعبد الكريم الجهيمان وعبد الله بن حميد رحمهم الله.
أحمد عبد الله السعد وأنا أظن أننا قد حظينا بدعم ورعاية من الأستاذ محمد الشدي من خلال تفعيل غضب الخيل على اللجم من خلال حرصه على تحرير المقال الناقد بروية تستبطن جلب حماس الشباب لمسار جدي دونما جدل متصل أو منفصل حيث كان يرى رحمه الله أن الوصول للهدف ميسور لا معسور ولا معصور.
كتبت مقالات عديدة كان لها الصدى الطيب وربما المزعج ولم أسائل من أي جهة لكن كان الشدي رحمه الله يبلغني بما كان من جهد بذله لتهدئة ما صار.
أذكر أن الأمير خالد الفيصل أمير عسير -آنذاك- سلمه الله، كان يمتنع عن إعطاء أي حديث للصحافة السعودية، وحصل أن الأمير كان في مطار خميس مشيط يستقبل زعماء دول الخليج العربي أثناء زيارة الملك خالد بن عبد العزيز -رحمه الله- لمنطقة عسير، وهطل المطر فاستراح الأمير مستظلاً عن المطر في مكان في المطار، وتقدمت إليه طالباً أن أجري معه حواراً صحفياً، ونصحني الأستاذ علوي الصافي بعدم المحاولة. لكن الأمير وافق وقال هات نسمع ما عندك وأسمعته الأسئلة فأجاب عليها معجباً، نشرت اليمامة المقابلة وأثناء وجود الملك خالد في استراحة في السودة، شكر الأستاذ الشدي الأمير على المقابلة، فقال الأمير لقد بلغني أن أرسلت الأخ محمد فأعطيته، لكن قلت إن هذا لم يصح وكان الله عليماً بما حصل، لامني الشدي لكن بحنو كبير.
أنا وجيلي وأجيال بعدنا افتقدنا الأستاذ المعلم العلم محمد بن أحمد الشدي ولا نملك إلا الدعاء أن يرحمه الله ويحسن إليه
وكما قال الشاعر:
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شخص
يموت بموته خلق كثير
** **
Yosr46@hotmail.com