عمر إبراهيم الرشيد
أمر لافت للغاية ما صرح به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بأن أمريكا قد خربت الشرق الأوسط، وهو بذلك يشير إلى احتلال العراق وأفغانستان، قائلاً بأن المنطقة لم تكن بهذا السوء قبل دخول الولايات المتحدة، مشيراً إلى الخسائر المهولة في الأموال والأرواح. وإن كانت نسبة كبيرة من المحللين والمتابعين السياسيين عبر العالم يرون أن المسألة متعمدة للانسحاب وترك الساحة لحركة طالبان، نكاية بروسيا والصين تحديداً وإيران بدرجة أقل لأن الفرس أعداء لهم في العلن وأصدقاء لهم وراء الأبواب. لكن المسألة في هذا التخبط وتكبد هذه الخسائر على مدى عشرين سنة، والأعجب أن أمريكا حاولت تطبيق مفاهيمها السياسية والإدارية في بلد شرقي ويرزح تحت الانشقاق والنزاعات كأفغانستان، هذا البلد المكلوم الذي لم يذق طعم الاستقرار منذ أكثر من أربعين عاماً.
جسد المشهد المؤسف والمحزن الذي تناقلته وسائل الإعلام عبر العالم لمجاميع من الأفغان الذين كانوا يجرون بجانب وخلف طائرة عسكرية أمريكية، حتى اعتلى مجموعة منهم جزءا من جسم الطائرة، جسد هذا المشهد واختصر حال هذا البلد وقطاع عريض من شعبه، وكيف وصل به الحال من الضياع والحيرة والبحث عن الخلاص ولو باعتلاء جسم طائرة سيسقطون من على متنها لا محالة وهو ما حدث بالفعل، فأين العقل ومن أوصل مثل هؤلاء المغلوبين على أمرهم إلى هذا الحال، إلا التناحر من أجل السلطة والمصالح الضيقة والمطامع على حساب الوطن، مما مكن الأعداء المتربصين لاحتلال هذا البلد المكلوم أصلاً ومن ثم تركه نهبة للخراب.
من جهة مقابلة، فإن المتأمل للمشهد الأمريكي يلحظ تراجع الشخصيات القيادية والزعامات الثقيلة كمثل أبراهام لينكولن روزفلت وايزنهاور على سبيل المثال، بل حتى بل كلينتون وإن كان على درجة أقل من هؤلاء، إلا أن فترته الرئاسية اتسمت بازدهار اقتصادي ومبادرات سياسية لا بأس بها مقارنة بالفترة التي تلت، ومما جعل كلينتون كذلك وما يحسب له هو أنه أحاط نفسه بكوكبة من المستشارين الأفذاذ، على عكس جورج بوش الابن ومن تلاه بعد ذلك.
أما أفغانستان المكلومة أعان الله شعبها، فإن التحدي أمام حركة طالبان هو الكوادر المؤهلة سياسياً واقتصادياً ومهنياً لإدارة شؤون بلد كأفغانستان، ولا أظن أن الحركة تمتلك مثل هذه الكفاءات وأرجو أن يكون ظني في غير محله، وأن تعود لهذا البلد حريته واستقراره والله غالب على أمره، إلى اللقاء.