رمضان جريدي العنزي
الاعتذار شيمة العقلاء، أصحاب الحكمة والبصر والبصيرة، والمالكين للأخلاق والإنسانية، الذين لا تأخذهم العزة بالإثم، والذين لا يتعمدون الإساءة، ولا يعرفون العدوان والهجوم غير المبرر، لا يمزقون النسيج الاجتماعي، ولا يحدثون الفرقة والخصام، ويؤطرون دائماً لثقافة الود والسلام، والمحبة والوئام، والأسف والاعتذار، لا يسيئون لأحد مطلقاَ، وإذا أساؤوا من غير قصد اعتذروا، وإذا أسيء إليهم عفوا وصفحوا، الاعتذار ديدنهم، والعفو مذهبهم، والصفح غايتهم، إن الكثير من المشكلات التي تقع بين الناس سببها كلمة تنتج عن انفعال وغضب، وتؤدي إلى احتقان وتشنج، وبكلمة واحدة وهي الاعتذار واظهار الأسف يمكن وبسهولة أن تعود المياه إلى مجاريها، بها تصفو النفوس، وتهدأ الأرواح، وتستكين القلوب، إن الاستنكاف والتكبر عن الاعتذار يؤدي إلى مزيد من البعد والهجر، والحقد والغضب، إن اعتذار الزوج للزوجة، والأب للابن، والصديق لصديقه، والقريب لقريبه، يعتبر سمو أخلاق، ورفعة سلوك، ونبل مشاعر، فلا غضاضة أن تكون الريادة في هذا المجال لأصحاب المقامات العالية، والشأن الرفيع، إن الاعتذار حين يجيء من أي شخص كان كبيراً أو صغيراً، يكشف عن نفس شفافة صافية، خالية من العنجهة والتعالي والكبر، إن الاعتذار مثل الماء يطفىء الحرائق، ويخمد اللهب، إنه رباط قوي ومتين من أجل سلامة الأواصر، ومتانة العلاقات، إنه مفتاح الحلول لكل المشكلات والمنغصات،إن علينا لكي تدوم الحياة صافية ونقية أن نرفع من وتيرة ثقافة الاعتذار، ونبعد عن الغضب والمشاحنة والخصام والاتهام، إن سيرة الناس الصالحين الطيبين دائماً تكون مليئة بالمواقف البليغة، وردات الفعل الحكيمة،إأن كبح الجماح في كثير من الأحيان تؤدي إلى عدم الانزلاق إلى مهاوي الشغب والردى، إن الذين يملكون ثقافة الاعتذار يملكون الشجاعة المطلقة، والثقة العالية بالنفس، وهو مسلك جميل وفريد وأنيق، يقود إلى تقوية النسيج الاجتماعي، ويرفع من قيمة الإنسان، إن من يملك ضميراً حياً، ونفسا راقية، وروحاً صافية، يأبى أن يكون من المسيئين، وهنا تكمن الرفعة والعظمة.