من هي نورة، هي نور العين وثمرة الفؤاد هي الحبيبة المحبوبة، الهادئة الوادعة، الخلوقة، الإنسانة، أستاذة التاريخ القديم في جامعة الملك سعود (قسم التاريخ)، الأستاذة الدكتورة ابنتي وقرة عيني نورة العبد الله النعيم، التي وافاها الأجل المحتوم ظهر يوم الاثنين 08/ 01/ 1443هـ، الموافق 16/ 08/ 2021م، انتقلت إلى رحمة الله الواسعة، لكنها بقيت في القلوب لأنها الإنسانة التي لا يمكن أن ينساها أحد، بسبب علاقاتها الإنسانية وما تتمتع فيه من أخلاق حميدة، وعزة نفس، وتواضع.
لقد أحبها الجميع سواء من أسرتها أو معارفها، أو الذين تعاملوا معها، سواء في الجامعة، أو في مختلف شؤون الحياة، لأنها تحب الجميع والجميع يحبونها، لما تتمتع به من أخلاق.
لقد أحبها وتزوجها ابن عمها المرحوم المهندس صالح العبدالله النعيم، رئيس الصندوق الصناعي لمدة تزيد على عشرين عاماً، وسافرا إلى أمريكا، وهي تحمل الشهادة الثانوية، لكنها دخلت مدرسة أمريكية حكومية، وحصلت منها على الثانوية العامة الأمريكية، وعندما عادت حاولت الالتحاق بالجامعة، لإكمال دراستها، وهي في ذلك الوقت زوجة وأم.
لكن المسؤول عن اللحاق بالجامعة اعترض على قلة درجاتها في اللغة الإنجليزية في شهادتها الثانوية السعودية. وأفهمته أنها تحمل ثانوية عامة أمريكية باللغة الإنجليزية، فوافق على إلحاقها بالجامعة، ثم حصلت على البكالوريوس في التاريخ، وتعينت معيدة في قسم التاريخ، ودرست التاريخ لدرجة الماجستير في تاريخ جنوب الجزيرة العربية رغم قلة مصادره، لكنها ثابرت وجاهدت وحصلت على الماجستير.
وقال لي يومها الأستاذ الدكتور الصديق عبدالرحمن الأنصاري، إنه لو كان الأمر بيده لمنحها شهادة الدكتوراه على بحثها، لكنها واصلت وحصلت على الدكتوراه في نفس التخصص على صعوبته.
عُينت في الجامعة على وظيفة أستاذ مساعد، وواصلت عملها، حتى وصلت إلى أستاذ دكتور، وأسست مع زملائها بقسم التاريخ اتحاد جمعية التاريخ العربية، التي تعقد اجتماعاتها السنوية في مقرها في القاهرة، وواظبت على حضورها، وأنشأت جائزة عبدالله العلي النعيم مع أخيها وإخوتها، تمنح سنوية للفائز في البحث في التاريخ.
بدأت تعاني من المرض، وتقرر إرسالها إلى ألمانيا بتوجيه كريم، لكن القدر المحتوم لم يمهلها، وذهبت إلى الرفيق الأعلى، إن شاء الله في أعلى العليين مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
لقد كانت وفاتها صدمة كبيرة عليَّ شخصيًا وعلى ابنتيها، الدكتورة لمياء صالح النعيم، والأستاذة نجلاء صالح النعيم، وعلى كل أفراد أسرتها ومحبيها ومعارفها.
لقد كان جموع المعزين في المقبرة آلافاً مؤلفة، وفي بيتنا كان المعزون بالمئات أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء، غير آلاف المهاتفات والرسائل النصية، وهذا دليل قاطع وواضح على مكانتها، سواء من عائلتها أو المجتمع، نساءً ورجالاً.
رحم الله فقيدتنا الغالية ابنتنا وأختنا، وأمنا نورة العبدالله النعيم، وأسكنها فسيح جناته مع الأنبياء والشهداء والصالحين، وبارك الله وعوضنا خيراً بابنتيها حفيدتيّ وابنتيّ: الدكتورة لمياء صالح النعيم والأستاذة نجلاء صالح النعيم، وأولادهما، وهم خير عزاء بعد الله عز وجل مع أخيها واخواتها وأبنائهم الصالحين إن شاء الله.
وأعاننا الله عز وجل على فقدها، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون».
لله ما أعطى وله ما أخذ.
** **
والدها المكلوم/ عبد الله العلي النعيم