رمضان جريدي العنزي
إن البر الاجتماعي له ثقل في الميزان، وعليه لا بد أن يروض المرء نفسه ويحملها على البذل والعطاء بما يستطيع، إن خيرالناس في المنظور الإسلامي هو أنفعهم، ومن هنا كان الناهضون في بأعباء البر الاجتماعي في الطليعة، وكانت أعمالهم من أثقل الأعمال ميزانا في الدنيا وفي الآخرة، إن البر الاجتماعي في الإسلام يعد غاية أساسية تتسع دائرته من محيط الذاتية لدائرة الأسرة ثم المحيط الاجتماعي وصولا إلى تكافل المجتمعات كافة. إن البر الاجتماعي ركيزة أساسية وصحية لا غنى للمجتمعات عنها، يجعل كل فرد يشعر بالمسؤولية تجاه الأشخاص الآخرين، ويستشعر بقيمة دوره في تقديم المساعدة لكل محتاج، إن البر الاجتماعي يزيد من من قوة اللحمة الاجتماعية وتثبيت أواصرها، إن البر الاجتماعي بذرة صحيحة وسليمة لا بد من غرسها في نفس كل فرد من أفراد المجتمع، إن التكافل الاجتماعي له أهمية كبيرة وعظيمة لا يمكن تجاهلها، ستؤدي حتمًا إلى تحسين هائل للأوضاع المعيشية، وسيغير من التعاملات بين البشر، وسيصير لعمل الخير لذة لا يمكن نسيانها، وسيبعد البشرية عن التعلق بالماديات والأمور الزائلة الفانية، إضافة إلى أنه يُكسب صاحبه الأجر والثواب عند الله ويرفع من درجته، ويجعله يشعر بالسعادة والطمأنينة، إن السعادة في الجود والبذل والعطاء لا توازيها أي سعادة أخرى، إن البر الاجتماعي له أهداف وغايات سامية، وهو رابطة اجتماعية وروحية بين الأفراد يتضمن تجسيدا حسيا راقيا على أرض الواقع، إنه جزء أصيل من قوائم المجتمع وعامل مهم من عوامل القوة المادية والروحية، لقد اهتم الإسلام ببناء المجتمع المتكامل ليكون مجتمعا قويا منيعا قادرا على مواجهة التحديات كافة، وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج المجتمع بنيانا مرصوصا وسدا منيعا في وجه شتى أنواع المؤامرات، والتكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصورا على النفع المادي بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادا وجماعات، مادية كانت تلك الحاجة أو معنوية أو فكرية أو علمية على أوسع مدى لهذه المفاهيم، فهي بذلك تتضمن جميع الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات داخل الأمة، كما أن التكافل الاجتماعي في بعده الروحي أرقى من التعاون والتكاتف والمؤازرة والمساعدة التي قد ينتظر المرء من الآخر وقوفه إلى جانبه بالمقابل، بل عون ينطلق من بعد روحي لا ينشد سوى الرحمة الإلهية، ومن صفاء نفسي لا يتوسم سوى القرب من الله، قال رسوللله- صلى الله عليه وآله وسلم-: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً في الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه).