عطية محمد عطية عقيلان
كلما ارتقى الإنسان في وظيفته يحتاج إلى تطوير أدواته للتعامل مع مختلف «النفسيات» ويقاس نجاحه على قدرته على تكوين فريق عمل متماسك وقوي ويؤدي مهامه على أكمل وجه، وهذه تحتاج مهارة خاصة وقدرة على ضبط إيقاع هذا الفريق لخلق التجانس والتعاون بينهم، لذا تحتاج بعض المهن إلى مواصفات وطبيعة خاصة ليتسنى النجاح فيها مثل «مدرب الفريق» و»الدبلوماسي» و»المدير العام»، وهناك أشخاص بالفطرة لهم شخصية «كاريزما» وهيبة وحضور وقدرة على جذب الآخرين وتوجيههم وكسب ولائهم، وهناك من يجتهد بخبرته لكسب مهارات القيادة بالمعرفة والتدريب على ضبط انفعالاته وردّات فعله والموضوعية في الحكم واتخاذ القرارات وتوجيهها لمصلحة نجاح العمل والفريق، وحرصه على توفير بيئة نفسية واجتماعية طبيعية وودية بينهم وحتما سيتم حصد نتائج إيجابية، ويعتبر من النماذج الملهمة وأصحاب القيادات الفطرية والكاريزما المؤثرة، الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، والذي عرف بذكائه ودهائه وحكمته ويضرب المثل بمقولته الشهيرة «شعرة معاوية» للدلالة على كيفية التعامل مع الناس وقيادتهم وتوجيههم حسب ما يريد، حيث يقول: «إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حين يكفيني لساني، ولو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إذا مددوها رخيتها وإذا رخوها مددتها»، وهي صفة وجبلة يمتاز بها القادة والمؤثرون والمديرون المميزون والذين يتركون أثراً في عملهم وعلى من يتعامل معهم، وهذه الشخصيات الناجحة تجمعهم صفات مشتركة من أهمها القدرة على التسامح وعدم تصيد الأخطاء والتقدير المعنوي والمادي لفريق العمل ونسبة الأفكار لأصحابها مع تحفيزهم وحثهم لمن يضيفون الى معرفته بعيداً عن الاعتداد المبالغ به بالنفس مع تقبل الأفكار والآراء الجديدة، بل إنك تحتاج إلى فريق قوي منتقد على الأخطاء أو القرارات غير الصائبة، يقول بيل غيتس «دائماً ما نكون في أمس الحاجة لأناس ينتقدوننا، فهذا سر التقدم»، لذا عزيزي المدير والمسؤول لن تستطيع النجاح لوحدك دون فريق عمل قوي يضفي عليك معلومات ومهارة وطرقاً جديدة، فاحرص على ذلك الفريق ولا تتخذه «كمسمار جحا» وتعامله بألطف العبارات والمديح عند الحاجة فقط وبمجرد انتهاء ما تريده منه تتغير معاملتك له للأسوأ. وعبارة «شعرة معاوية» تصلح إلى حد ما كمنهج سلوكي مع من حولنا، لا سيما الأقارب، ولست ملزماً بها مع كل شخص يتعمد أذيتك وسرقتك وخيانة الثقة وغشوتشويه سمعتك، خاصة ممن منحوا أكثر من فرصة، ولكن لم تفد معهم «شعرة معاوية» سوى مزيد من التمادي وسوء الخلق، ويعجبني المدير والمسؤول الذي لا يتعود على مزايا تمنح فقط بحكم المنصب أو الكرسي، فمن القصص الطريفة أن أحد المديرين عند حضوره اجتماعاً تفاجأ بوجود من ينتظره لإيقاف سيارته، فسألهم هل هذه الخدمة دائمة، فقالوا لأنك في مجلس الإدارة، ولكنه رفض ذلك حتى لا يتعود على شيء زائل، ومن هذه القصص نتعلم ونأخذ الدروس من الآخرين ففي قصصهم وحكاياتهم عبرة تغنيني عن التجربة بعيداً عن الانشغال بالأنا وأنا غير، وكان يقول الأحنف بن قيس من حكماء العرب «لست بحليم ولكني أتحالم»، فعزيزي القارئ، لنحاول أضعف الإيمان أن نقوم بعمل وعلاقات جيدة، يترك أثراً على من حولنا.