يعتبر التعليم في الوقت الراهن والعصر الحاضر ضرورة ملحة من ضروريات الحياة الأساسية والتي هي بمنزلة الأكل والشرب للإنسان ليس على مستوى الأفراد والمجتمعات فقط بل على مستوى الأمم والدول التي أصبحت مثالاً قائماً في تشييدها لصروح التقدم السريع في شتى مجالات العلم والريادة، والتي كانت بذرتها الأولى (تعليمًا ناجحًا) تم سقيها ورعايتها حتى آتت أكلها وسجلت اسمها في مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات!
اليوم تقف هذه الدول بالرغم مما تملكه من تقنية حديثة وتطور تقني في شتى المجالات تقف موقف الحائر والمضطرب إزاء جائحة (كوفيد-19) حيث خلفت هذه الجائحة أكبر انقطاع في نظم التعليم في التاريخ وهو ما تضرر منه نحو 1.6 مليار من طالبي العلم في جميع المستويات في أكثر من 190 دولة على مستوى العالم وفي جميع القارات، حيث أثرت عملية إغلاق المدارس على 94 % من طلاب العالم، وهي نسبة تصل إلى 99 % في بعض البلدان منخفضة الدخل ومن ذوي الشريحة المتدنية في الفقر!
في المقابل أجبرت الجائحة الهيئات الأكاديمية حول العالم على اكتشاف أنماط جديدة للتعلم والتعليم، ومنها التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد.
وتعتبر هذه التجربة بمنزلة تحدٍ للطلاب والمعلمين، الذين أصبحوا في يوم وليلة مضطرين للتعامل مع الصعوبات العاطفية، والجسدية والاقتصادية، التي فرضتها الجائحة، مع التزامهم بدورهم للحد من انتشار هذا الفايروس المخيف.
وعلى الصعيد المحلي هنا في السعودية نقف احتراماً وتقديراً للجهود المبذولة من حكومتنا الرشيدة -أيدها الله- ممثلة بوزارة التعليم بشقيها العام والعالي، حيث لم تأل جهدًا ولم تدخر وسعاً في إيجاد الطرق المناسبة لضمان استمرارية التعليم دون انقطاع، بل انتقلت من عنصر التحدي إلى مهارة الإبداع في التعامل مع الجائحة من خلال منصات التعلم التي أوجدت جسوراً من التبادل المعرفي بين المعلم وطلابه، وذلك وفق أحدث التقنيات التعليمية على مستوى العالم حتى أصبحت انموذجًا يدرس على مستوى العالم في فن إيصال المعلومة عن بُعد!
اليوم هي تستكمل رهانها الكبير وإصرارها العظيم لمواصلة التعليم من خلال إعلانها عودة الطلاب إلى مقاعدهم الدراسية لمرحلتي المتوسط والثانوي والجامعي، والجميع يثق في قدرات مسؤولي وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الصحة في إيجاد البيئة الصحية والمناسبة لأبنائنا الطلاب في صروحهم التعليمية.
وزارة التعليم لوحدها لن تستطيع أن تؤدي دورها دون أن يكون هناك تعاون حقيقي من قبل أولياء الأمور تجاه ما يُطرح من التوجيهات والتعليمات التي تصدر عن وزارتي الصحة والتعليم من تدابير وقائية واحترازات آمنة وأخذ الجرعات التطعيمية لأبنائهم وحمل تلكم التوجيهات بمحمل الجد، وهو المؤمل عطفاً على ما تم من تعاون مسبق في تخطي هذه الجائحة ونجاح تجربة التعليم عن بُعد.
وبعدها يأتي الدور المهم الذي يلعبه المعلمون في ضمان استمرار التعلم..
فبعض الطلاب عائدون إلى المدرسة من أسر تشبعت بالمعلومات الخاطئة والمغلوطة عن «كوفيد-19» وسيتعين على المعلمين تصحيح الفهم الخاطئ وتثقيفهم بالحقائق المثبتة علمياً.
إن تحقيق الفهم بشأن «كوفيد-19» وكيفية انتشاره وكيف يمكننا حماية أنفسنا والآخرين منه هو خطوة أولى مهمة لإرساء إجراءات وبروتوكولات غرفة الصف. لا بد أن يفهم الطلاب حقيقة هذا المرض وأن ترتفع درجة الوعي لديهم بمخاطره حتى يلتزموا بالتعليمات الموجهة لهم.
المعلم لا بد أن يمتلك الأسلوب المطمئن والمبشر مراعاة لظروف الأجواء المشبعة بالهلع عند البعض عند تناوله الحديث عن هذا المرض وتجنباً للآثار النفسية غير الجيدة والتي قد تحدث -لا سمح الله- مع التنبه لأن تكون المعلومات المستقاة مأخوذة من مصادر موثوقة من وزارتي الصحة والتعليم في بلادنا المباركة.
نثق بجهود ولاة أمرنا -حفظهم الله- وبجهود وزارتنا وزارة التعليم في نجاح خطة التعليم للفصل القادم سائلين المولى أن يديم على بلادنا أمنها وصحتها وأن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه صلاح ورفعة لدينهم ووطنهم.