د.عبدالعزيز الجار الله
كانت أمريكا على الحدود الشرقية لإيران قبل أن تنسحب هذا الشهر من أفغانستان، وهي الآن على الحدود الغربية لإيران في الأراضي العراقية، فكانت أمريكا تحاصر إيران شرقاً وغرباً قبل أن تغادر أفغانستان وتدخل طالبان وتحتل العاصمة كابول.
احتلتها بصورة سريعة وخاطفة سقطت العاصمة كابول في أيدي حركة طالبان حيث أقر الرئيس الأفغاني أشرف غني بانتصار طالبان، وهذه الحرب الخاطفة والمتوقعة لكن لم تكن متوقعة السقوط بهذه السرعة ستنقل الحروب من جديد إلى آسيا الوسطى، مع بقاء التركيز على الشرق الأوسط والصراعات مشتعلة في الأراضي العربية، فأمريكا قررت أن توقف دورها كشرطي آسيا الوسطى، وتجلب الأمان والهدوء للصين وروسيا وإيران في جعلها أفغانستان مستقرة وتخدم خصومها.
وكما يقال انتقل العالم من السيئ إلى الأسوأ، ومن الصعب إلى الأصعب مرحلة غامضة ليس على وسط آسيا بل على غرب آسيا وبالتحديد على منطقة الخليج العربي، حين كانت أفغانستان تصدر للعرب بالتعاون مع إيران تصدر الجماعات الإرهابية في الثمانينات الميلادية مثل حركة القاعدة المسؤولة عن العديد من العمليات الإرهابية في الخليج في أواخر التسعينات حتى عملية 11 سبتمبر في هجوم القاعدة على أبراج أمريكا عام 2001م إذن نحن في المرحلة الأسوأ.
أفغانستان دولة صغيرة المساحة وداخلية بلا بحار، ليس لها موارد اقتصادية لكنها تعمل بالممنوعات الخطيرة:الإرهاب والمخدرات. فهي الوكر والبؤرة الحقيقية للجماعات الإرهابية بمشاركة إيران التي عانت منها دول الخليج العربي، وهي اليوم أفغانستان ستلعب نفس الدور السابق وسط قوى دولية متنافسة تحرك الأفغان في الصراع المقبل، فحدود الأفغان وبالقرب منها دول نافذة ومستفيدة من نتائج الصراع الأفغاني:
- من الشرق الصين وطاجكستان.
- من الشمال روسيا وكازاخستان.
- من الجنوب باكستان والهند.
- من الغرب إيران وخلفها العراق وأمريكا.
إذن هي بين تكتل دول كبرى في السكان والسلاح وفِي مجلس الأمن.
فالصراع سيكون هذه المرة أقوى وأعنف وأكثر شراسة لأن هذه الدول عاشت صراع المرحلة السابقة وبخاصة الدول التي خسرت صراع أفغانستان الأولى.