علي الخزيم
سألة اتقان اللغة العربية من غير العرب وجاليات تعيش بيننا مقيمة أو زائرة؛ أو من بلاد شملتها الفتوحات الإسلامية، برأيي أن لا تثريب عليهم أن هم لم يُجيدوها تماماً، وكذلك أهل بلاد دخلها الإسلام بفضل قوافل التجار العرب الذين كسبوا ثقة وود سكان تلك البلاد بصدق تعاملهم وأمانتهم بالبيع والشراء وانضباطهم بمواعيدهم، وانطلاقهم لصلاتهم بموعدها يقدمونها على أمر بضاعتهم ومصالحهم مما أذهل وأعجب التجار هناك والمتعاملين بالأسواق، فعرفوا صدق نواياهم وبِيْض قلوبهم وشفافيتهم، الأمر الذي جذب كثيراً منهم للتعرف على مبادئ الإسلام ثم اعتناقه بقناعة وصدق لما وجدوا به من العدل والمساواة والرحمة، هؤلاء جميعاً وهم من غير العرب هل نطالبهم بلسان عربي سليم؟! يكفي أن جُلّهم يقرؤون القرآن ونفهمهم ويفهموننا حين التخاطب، فاللغة العربية هي لغة القرآن الكريم المتضمن للمنهج القويم للحياة بإطارها ومفهومها الإسلامي العظيم المعتدل؛ وكلما اتقن المسلم هذه اللغة أمكنه القيام بواجباته الدينية بطريقة ومنهج أقوم تتبعاً لما ورد بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ولا يلام غير العربي أن عجز لسانه عن النطق السليم لبعض مخارج الحروف كحرف الضاد الذي ليس له ما يماثله بلغات العالم؛ فيصعب على غير العرب نطقه، وقرأت أن بعض المختصين يُدرجونه بين آيات ورموز الإعجاز الإلهي بلغة القرآن الكريم.
فاللغة العربية بهذا تعد من أسمى وأعرق اللغات وتتحدث بها الكثير من الألسن بين دول الكرة الأرضية، وأدرجتها الأمم المتحدة كواحدة من اللغات الرسمية بالعالم، وهذا مشجع على تكثيف سبل تعليم لغة العرب لغة القرآن لغير العرب وفتح مجالات أرحب لهذا الشأن يقوم عليه أكْفَاء ضالعون بعلومها وبلاغتها وبديعها وكافة تفرعاتها لإيصالها للمتلقي المتعلم بمنهج علمي متقدم لا يُهمل وسائل الترغيب والتشويق، ويراعي ما يتعلق بها من مفاهيم متجددة فيؤخذ بالحسبان أن اللغة لا تقتصر على مجاميع الأصوات المستخدمة للتعبير وهي تختلف من مجتمع لآخر، واقتبس ما قاله أحد المشتغلين بهذا الحقل: (ينظر إلى اللغة حالياً على أنها مفهوم منظومي شامل وواسع لا يقتصر على اللغة المنطوق بها بل يشمل المكتوبة والإشارات والإيماءات والتعبيرات التي تصاحب عادةً سلوك الكلام كما يشمل صور التعبير كافة من تمثيل ورسم ونحت وموسيقى)، ولهذا يبدو أن تعليم اللغة بحاجة لجملة من المهارات العالية الشاملة المنبثقة من مناهج وطرق تعليم راقية متعددة يفترض أن تتوافر لدى معاهد ومراكز تعليم اللغة العربية لغير العرب المنتشرة بعدد من الدول العربية.
ويتذمر كثير من الأوفياء للغة الضاد من صور إهمال لغتنا الجميلة ببلادنا، فيشيرون إلى أن الجاليات الغفيرة بالبلدان العربية لا يُعيرون اهتماماً بلغتنا لعدم وسائل التشجيع والترغيب، ويشار إلى أمثلة من ذلك حيث إن جل العاملين بالمؤسسات المالية والمراكز الطبية والتجارية والمطاعم وغيرها يخاطبوننا بلغات أجنبية؛ وحتى مسميات المحلات والمعروضات والوجبات بمسميات أجنبية، مما يبعث على الغيرة على لغة العرب، ولعل جهات الاختصاص تتخذ إجراءات تشجيع على تعليم موظفي وعمال المؤسسات والشركات مبادئ العربية قبل وأثناء العمل.