إيمان حمود الشمري
تحيطنا الضغوطات وتحاصرنا الظروف ونبحث عن حلول سريعة كحبة مسكن تخدر الألم ولكنها في الحقيقة لا تشفيه! فحتى حبة المسكن تحتاج وقت ليبدأ مفعولها إذ لا يوجد حبة سحرية!!
كلنا يريد أن يغير حياته وشخصيته للأفضل ولكن هذا التغيير الذي يحلم به البعض متى ما خرج عن عوامل الطبيعة وعارض المنطق قد يودي بصاحبه إلى الهلاك، لابد أن نعيش جزءًا من الواقع ونساير طبيعتنا البشرية ونتأقلم مع فكرة أن لا حياة دون كدر ولم تصفو الحياة يوماً حتى لخير البشر، وهذه المعاناة والظروف التي نمر بها هي من سيساهم في بناء شخصياتنا وتكون رصيد خبراتنا وتعطينا النضج للتعامل مع الظروف المستقبلية، أما الانغماس في وهم مفردات صنعها البشر وكأننا نعيش في كوكب غير كوكبنا ونتعامل خارج حدود المنطق كأن نجذب المال والسعادة بقوانين بشرية وخلال 21 يوماً وغيرها من القوانين التي تستنزف احتياجاتنا النفسية وتلعب على وتر المشاعر وكأننا ذاهبون لقراءة فنجان نريد أن نسمع فيه ما يسرنا، ولو سمعنا أي أمر سلبي خلال قراءته سوف نتهم قارئه بالدجل وأنه لا يفقه شيئاً!
لا يوجد شخص على وجه الأرض يستطيع أن يعيش بغير أمل وديننا الحنيف دعم الجانب النفسي بأهمية الدعاء الذي يغير القدر وبنصوص قرآنية وأحاديث تعزز فكرة تغيير الحياة برحمة الله بعباده ولكن التعلق بقوانين وهمية غير خاضعة لقوانين السنة الكونية بكون الإنسان يحزن ويتألم ويخسر ويجلب لحياته عكس ما يتمنى ويرغب، هي هاوية يجب عدم الانزلاق فيها، فوجود الدواء لا يعني انتفاء الداء، فالمرحلة الملكية هي بالحقيقة ليست مرحلة وإنما فترة زمنية مؤقتة تعتمد اعتماداً كبيراً على الحالة النفسية ومؤشر المعنويات من حيث الارتفاع والانخفاض وقدرتها على امتصاص الصدمات وأهمية تلك الخسائر بالنسبة لنا، أخشى أن نعيش في وهم ونحن نصارع ونغالب طبيعتنا البشرية بقوانين وأنظمة وضعها البشر لا تتناسب مع قوانين الحياة وتخرج عن حدود الطبيعة التي فرضها الله على الإنسان واختصرها بآية {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} سورة البلد (4)، وكأننا أصبحنا أجهزة خالية من المشاعر لها قدرة عالية على التحكم وضبط النفس وردود الأفعال، فعندما لا نحزن للفرص الضائعة، ولا نأبه لعزيز ينسحب من حياتنا دون مبررات، ولا نبكي على خسائرنا ونتقبل الهزيمة بصدر رحب فذلك يعني أننا فقدنا متعة الشغف، لا يمكن أن نصل لمرحلة نفصل فيها مشاعرنا عن سلوكنا كلياً لأننا بشر تنبض بنا صفات البشر من تألم ودموع وتأثر وإحساس بالضعف والهزيمة تارة وبالقوة والنصر تارة أخرى ومتى ما انتهت تلك المشاعر وتساوت لدينا الأمور حد التبلد فذلك يعني أننا وصلنا لمرحلة الإحباط والاستسلام وليست المرحلة الملكية!