عبده الأسمري
توسع التعليم الجامعي لدينا في سنوات خلت بطريقة جانبت «التخطيط» الاستراتيجي لتدخل في «نفق» الهدر والإسراف والتبذير في المباني والقاعات والمساحات والمخططات وعقود الأساتذة ورواتب القياديين وباتت الجامعات تزاحم «المدارس» في بعض المدن.. وقد أشرت في مقالات سابقة إلى أن هذا «التكدس» غير المدروس تسبب في ضياع الميزانيات وتبديد المليارات والمخرجات قائمة على «حفلات» تخرج والمنتجات هائمة بين «البطالة « و»الانتظار»!
يتسابق العديد من مشاهير «التواصل» الاجتماعي لنيل حفنة من الريالات لترويج سلعة أو منتج يصفق له كثيراً ويسخر منه أكثر.. حتى شوهوا صورة «التسويق» المهني وبددوا بهاء «التشويق» الإنتاجي.. ضمن «مهازل» صنعها بعض أصحاب المتاجر الذي لو فتشنا في سيرته لوجدناه خارج من رحم «السفه» ذاته بالأمس القريب بعد أن جمع أموال «المغفلين» وضحك على «الغافلين» ثم افتتح مشروعاً ليعيد قصص «السخرية» إلى مربعاتها الأولى..
هنالك فساد خفي في المجتمع يراوغ أربابه الجهات الرقابية ويحتال صناعه على المعاني الاجتماعية.. رغم أن «مجهر» النقد من أولى الألباب قادر على كشف «عورات» المفسدة وفضح «مخططات» المهزلة.. كل ذلك يحدث في دوائر «تعدي» البعض على منطلقات «هوية» المجتمع ووقوعه في براثن «الإساءة» للقيم و»النيل» من «حرية» الآخرين بتشويه متعمد للوجه الأصيل لعاداتنا وأصالتنا وطبائعنا التي نضاهي وننافس بها الشعوب وننافس بها المجتمعات مما يجعل هؤلاء «المتعدين» «مفسدين» و»مجرمين» بحق الأصالة و»مدانين» بدس السم في العسل وهؤلاء هم «المتورطون» في «الفتن» ما ظهر منها وما بطن.
يحتم منطق «الحياد» الذي يؤول إلى منهج «السداد» أن توضع «الأمور» في نصابها فلا يزال هنالك «مظالم « في أحقية «المناصب» و»مساوئ» في أسبقية «المراتب».. في ظل توجه «أرعن» لبعض القطاعات إلى «الاستعانة» بعناصر «أجنبية» لا تزال تجيد تمرير «التموية» بخطط «محفوظة» من كتب «التنمية» أو من «روابط» جاهزة من محرك جوجل مع «صناعة» الوهم أمام الطرف الأول «صاحب المنشأة أو مالك الصلاحية» بديكور خارجي وحقيبة مضللة مليئة بأوراق وأجندات بئيسة لتأتي «المفاجأة» بعدها في تبديد لأموال القطاع وضياع لأصول التعامل فيما أن هنالك من أبناء الوطن من يمتلك شهادات وخبرات تؤهله إلى مرتبة «خبير» وإلى رتبة «مبتكر» ولكن «العمق» الذهني السائد في «عقلية» الاختيارات و»أولوية» الترشيحات لا يزال «متلبداً» بالأخطاء «بليداً» في المنطقية.
للتطور وسائل وأدوات وإمكانات تعتمد على المهارات والمواهب وتتعامد على الأهداف والنتائج لذا فإن اختيار الأشخاص «المؤهلين» في التخصص عنوان أول لكل تفاصيل «النجاح» بعيداً عن «المغامرة» باختيارات تعتمد على قادمين من «منصات» اليوتيوب ومن فلاشات «السناب» ومن أضاءات «الأنستقرام» ليتولوا أدارة برامج أو قيادة فريق عمل ولو تم «إخضاع» أحدهم لاختبار بسيط أو تخطيط مستقبلي أو ابتكار مجدول لكان «الإفلاس» مصيراً محتوماً لإنتاجهم نظراً لأنهم من ذوي الفكر المحدود والتفكير المحدد الذي لا يتجاوز «بيروقراطية» الذات في إنتاج مكرر وسط «قدرات» تنعكس على «النفس» في ظل «انعدام» بعد النظر و»قصور» تطور المحتوى.
تلاشت العديد من السلبيات وانخفضت الكثير الظواهر وقضينا بالفكر قبل الحلول على عدة عوائق وعراقيل ومشكلات كانت تقف «حجر» عثرة أمام التقدم والحضارة والتطور ولكن الأزمة تبقى جلية والخلل يظل ظاهراً في الاستعانة بعقول تتبجح بالأفكار المستوردة التي تتنافى كثيراً مع طبيعة المجتمع وتختلف أكثر مع طبائع التربية.. لذا فإن السير في طرق مريبة وغريبة يصنع العديد من المتاهات التي تنتج «الفشل» وتستدعي «الخجل».
في جامعاتنا وقطاعاتنا وهيئاتنا «مراكز» بحوث ومواقع دراسات هيأت لها الدولة كل «سبل» البحث والتدقيق والاستطلاع والتحري.. ولكن عملها يحتاج إلى إعادة نظر واستعادة تجارب واستدعاء حكماء.. فالإحصائيات أرقام ظاهرة ومكفولة بحكم التقنية والتداعيات باطنه وخفية بفعل التأخر.. لذا فإن الأخطاء تشكل الظواهر التي تصنع الأزمات في ظل ابتعاد تلك المواقع البحثية والعلمية والتخصصية عن توفير خطط «تثقيف» مرتبطة بالإنسان وأفكار «توجيه» تخص المراحل العمرية. ووسط توصيات تخاطب «فئة» قليلة وتلامس «مجموعة» محدودة.. وبين كل ذلك فإن التخطيط لا يزال معتمداً على المشكلات التي تحدث فقط بعيداً عن الدور الجوهري لتلك الجهات في الخطط «الاستباقية» لمنع نشوء ظواهر جديدة أو أخرى تتوالد وتتفرع من السابقة.
هنالك أخطاء في التخطيط وأهواء من الأنفس تتلاقى فتزيد «مساحات» الضياع وتكبر انعكاسات «الأوضاع» لذا لا بد من دراسة عاجلة لها ومن ثم تغيير «الوجه» البائس للتعامل معها حتى نصل إلى «ضمان» النتائج و»جودة» الإنتاج و»أجادة» الدور وفتح المجال للمتخصصين وأبعاد «الدخلاء على مواقع «التفكير» و»منابع» القرار..