أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أعز العلوم والمعارف قراءة التاريخ ومعرفة سير الرجال، ومن أعظم الدروس التي استخلصتُها من القراءة المسحية الأولية في السير أن الأبطال الناجحين لم يكن النجاح حليفهم طوال أيام عمرهم، بل مرت عليهم مواقف كثيرة يمكن أن نصمهم فيها بأنهم فاشلون ولكنهم بصدق اتخذوا من مواقف الفشل في حياتهم سلماً للوصول إلى قمة النجاح، ولذا عليك أيها القارئ الكريم ألا تضعف ولا تعجز ولا يثني عزيمتك ما يمر بك من محاولات فاشلة في مشوار الحياة، ولا يوقفك عن سيرك نحو أهدافك في الحياة ما يقوله من حولك عنك، فهي ربما تكون مجرد إسقاطات نفسية لمواقف شخصية لا تسمن ولا تغني من جوع، وإياك أن تجعل الآخرين مهما كانت مواقفهم منك الشخصية أو المجتمعية أو الفكرية أو العقائدية شماعة تلقي عليها تبعات فشلك وإن كان بعض منهم كذلك، واحذر من أن تكون العين والحسد والنفس التي هي حق وتجري بقدر الله أن تكون هذه الأدواء النفسية تتراقص أمام ناظريك في كل منعطف، فهي مع أنها حق إلا أن المبالغة فيها وتوسيع دائرتها قد يكون سبباً من أسباب فشلك ويورث في نفسك الوهن.. أوقد شمعة ولا تلعن الظلام ولا يفت في عضدك مثل هذه الكلمة الموجعة (الفشل) وتذكر أن النجاح الحقيقي في نواميس الحياة هو أن تقلب مواقف الفشل التي تمر بك إلى الضد، وإن أسوأ الفاشلين حالاً هم:
- من يعيشون بل هدف.
- وقريب منهم من يحددون أهدافهم ولا يخططون.
- والثالث من يتكلون على غيرهم في تحقيق ما يريدون.
- والرابع من يصفق وراء فاشل ويتبعه وهو يظن أنه يحسن صنعاً.
ومع أنني عودت نفسي على التفاؤل إلى أنني بصدق خرجت من هذه القراءة المسحية وسبري للواقع المعاش بأن الشخصيات الفارغة في مجتمعاتنا العربية للأسف الشديد كثيرة جداً، وهم بلا استثناء في زمرة الفاشلين الذين يعدون عبئاً على أمتهم وبلادهم، والغريب أن فئة منهم هم من يمارس النقد وينصّب نفسه حكماً على الناس، بل إن منهم من يكتب صفحات التاريخ ويصف القادة والساسة والمفكرين والعاملين من أجل رفعة أوطانهم بأنهم رمز للنجاح أو أنهم في زمرة الفاشلين، وقد يرميهم كما يحلو له في مزبلة التاريخ، وهذه والله من عجائب الدهر، والجهل أول درجة سلم الفشل، والهوى والحسد هي الثانية والثالثة وفي التاريخ عبر، وفي السير عجائب لكل مدكر، ولله الأمر من قبل ومن بعد!! وإلى لقاء والسلام.