د.عبدالله سعد أبا حسين
بحثت عن الأصول الخطّيّة لرسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تفسير لا إله إلا الله المطبوعة سنة 1349هـ، في أوّل الجزء الرابع من مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، في مطبعة المنار بمصر، (ص24-32)؛ فلم أقف إلا على نسختين خطّيّتين في المدينة المنوّرة، في مكتبة الملك عبد العزيز التي تضمّ المكتبة المحمودية ومكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت وغيرها، وظهر لي صلة إحداهما بما أُرسل إلى القاهرة ليُطبع، فقد نقل ناسخها عن شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم عن العلامة ابن القيّم، بعد ختام الرسالة، وأُدخل النقلان قبل ختامها في المطبوع.
وكان الشيخ محمد بن عبد اللطيف قد استنسخ نُسخة خطّيّة نفيسة لكتاب النقض، تأليف الإمام أبي سعيد الدارمي في مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت في المدينة، وفُرغ من تحقيق طلبه في شهر ذي القعدة سنة 1347هـ [مكتبة الإفتاء برقم 732/ 86، ص141، 73، والأخيرة]، فمن المرجّح أنّه علم عن رسالة الإمام المجدّد محمد بن عبد الوهاب في تفسير لا إله إلا الله، واستنسخها أيضاً.
وله رسالة إلى سفير الملك عبد العزيز بمصر، الشيخ فوزان بن سابق سنة 1352هـ، يطلب منه العمل على إعادة نُسخ خطّيّة لرسائل الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب المطبوعة أوّل الجزء الرابع من مجموعة الرسائل، لأنّه ليس لها نظائر في نجد، قال: (إنّ أصول الرسائل النجدية كرّر الإمام عبد العزيز -حفظه الله- على الشيخ السيد محمد رشيد رضا وعلى جنابكم إرسالها لأن ما عندنا في نجد لها نظائر، وأما الجلد الرابع من الرسائل فوصل، وبقي منه رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أوّله، والطبعات لا بدّ فيها غلط) ا. هـ باختصار. [عبد الرحمن الشقير (طباعة الكتب ووقفها عند الملك عبد العزيز) ص97].
وغلط الطبعات مُشاهد، ومنه: أنّه زيد في مطبوع رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المتقدمة مقدار صفحة غير موجودة في النسختين الخطّيتين، وتحديداً من قوله ص29: (والدليل على أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقل والنقل)، إلى آخر قوله ص30: (وقال رحمه الله تعالى)، ومنه أيضاً: ما سبق ذكره من إدخال النقلين قبل ختام الرسالة، وهذان الغلطان تكرّرا في الدرر السنية ط(1)، ثم ط(2) (2/44-50)، ثم ط(6) (84-96)، لأنّ جامع الدرر اعتمد في نقل الرسالة المذكورة على المطبوع المتقدم، ولم يقف على مخطوط.
2 - وقفت على رسالة منسوبة خطأً للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن (لا إله إلا الله)، في (الدرر السنية) [ط6، ج2، ص112-116، ولم تُطبع في ط2، وط1]، وهي من تأليف الشيخ أحمد الغزالي رحمه الله (ت 520هـ)، وعنوانها: (التجريد في كلمة التوحيد)، وكان علماء نجد يتناقلونها مطوّلة، ومختصرة، ولهذا كثرت نُسخها الخطية بينهم، ومنها: المحفوظة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم 6395، الورقة 44-45، بخط علي بن إبراهيم، فرغ منها سنة 1212هـ، ضمن مجموع تملكه الشيخ سعود بن مفلح آل جذلان، والمحفوظة في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة، برقم 2644، الورقة 1-2، والمحفوظة في مكتبة الرياض السعودية برقم 567/ 86، الورقة 142-143، لكنها غير منسوبة لمؤلف، ويظهر أنّها بخط الشيخ أحمد بن عبيد، وتقع ضمن مجموع بعضه بخط الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ، والمحفوظة في مكتبة الملك سلمان، برقم 2506، أوّل رسالة في المجموع، بخطّ النّاسخ الشيخ عبد الله بن إبراهيم الربيعي، لكنّه نسبها إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولعلّ الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وقف على النّسخة الأخيرة، وتابع الشيخ الربيعي في نسبتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب، أو أنّه وقف على المجموع 567/ 86، ووجد بعضه منسوباً للشيخ محمد بن عبد الوهاب، فظنّها له، والله أعلم.
3 - جاء في طبعات رسالة (ثلاثة الأصول) للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب قوله: (وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان، ومنه الدعاء والخوف والرجاء) اهـ، [(الدرر السنية) (1/128)، وطبعة جامعة الإمام ص188]، وهو مشكل، لأنّ الضمير في قوله: (ومنه) يعود إلى الإحسان، فلا يستقيم المعنى، قال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (الصواب: ومنها، ونحن لا نعقّب على الشيخ، وإنما الكتاب طُبع كثيراً، والأخطاء المطبعية واردة)أهـ، وهو أحسن ما قيل عندي، ثمّ راجعت النسخة الخطية التي اعتمدت عليها طبعة جامعة الإمام، [الإفتاء 269/86]، فوجدت العبارة: (وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان والدعاء..)الخ، ووقفت على نُسخة خطية أخرى، فوجدتها: (ومنها) [محفوظة في مكتبة الملك سلمان، برقم 3979]، ثم وقفت على نسختين خطّيتين كما المطبوع، فلعلّ الطابع الأوّل اعتمد إحداهما.
4 - قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في آخر رسالة القواعد الأربع: (الداعي عابدٌ، والدليل قوله تعالى {ومن أضلّ ممّن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون}، والله أعلم) الدرر السنية (2/26)، ولم يظهر لي وجه الاستدلال، وبالرجوع إلى نسختين خطّيتين؛ وجدت أنّه سقط من المطبوع قول الله تعالى بعد الآية السابقة: {وإذا حُشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين}، فبان وجه استدلال المصنف بالآيتين الكريمتين على أنّ كل من دعا غير الله تعالى فقد عبده مع الله. رحم الله الإمام المجدّد محمد بن عبد الوهاب رحمةً واسعة وجزاه عن بيان التوحيد خير الجزاء.